أخبار حضرموت

أيها الموظف قف ومالسر خلف ديونك ومآسيك ؟!!!

بقلم / سالم بجود باراس
من أعجب وأغرب ما رأيت وسمعت وجربت هو الراتب الحكومي ؟!!!
هذا الراتب مهما كبر وزاد يبقى دائما مصدر القلق وتزداد الديون وتتراكم المشاكل والهموم …
ياترى مالسر أن يعيش مواطن عادي كادح بربع راتبك وليس عليه ما عليك من ديون وهموم؟!!
وأنت الموظف  في قرية ريفية لا كهرباء عليك ولا ماء ولا مواصلات وطعامك سمك القرش المجفف، ترزح تحت قيود الديون وحالك ومزاجك لا يسر أحد ؟!!!!
فعلا أنت وكل موظف  سواء في المدينة أو الريف، يعيش نفس العذاب ،ونفس الحيرة ،والسر يكاد يكون كشفه معجزة ؟!!!
لقد عشت عشرون عاما، وأنا استدين من مواطنين ،راتبهم كعمال عاديين ربع راتبي ،
أنا الموظف ذو الشهادة العالية هذا حالي ومصيري ، فلم تعتق ديوني شهادتي الكبيرة ، ولا زيادة راتبي فما السر الخفي والعجيب وراء ذلك؟!!!!!
لقد عملت بحث مستفيض وبدأت أسأل كل موظفين  الدولة ..هل يعيشون نفس العذاب الذي أعانيه مع راتب الدولة ؟!!
والعجيب وجدت نفس الجواب،  ونفس الحيرة،   ((راتبنا يتبخر شهريا ..ولا نستطيع التوفير.. بل ونستدين شهريا ..ممن هم أقل منا ..ولكنهم غير موظفين  في الدولة )).
قبل كشف القناع عن هذا اللغز والسر المحير والخفي!!!
دعنا نفك شفرة هذا اللغز بهذه القصة الحقيقية والعجيبة…
عامل فقير ، يعمل عند تاجر براتب شهر، بالكاد يسد رمق عيشه ، لم يعجبه الحال، وظروفه المعيشية تسؤ يوما بعد يوم ، فقرر الذهاب لحكيم يستشيره لقوة حدسه ونفاذ بصيرته ، وخبرته في الحياة  …
جلس بين يدي الشيخ الحكيم ، ذو الفراسة والدهاء، وشرح له ما ألم به من شدة  العيش ، وكثرة العيال، وكيف أن معاشه عند التاجر،  بالكاد يسد مصاريف البيت ؟!! 
وما يرهقه وزاد همه، أنه يستدين من جاره العامل البسيط،  الذي راتبه أقل منه فماذا يفعل ؟!!!
أبتسم الشيخ الحكيم وقال: وهل ستنفذ ، ما آمرك به وبدون كيف ولماذا ومستحيل ولا يعقل هذا  ؟!!
أجاب الرجل الفقير : نعم أعدك بذلك أيها الشيخ الحكيم .
فقال الحكيم : كم راتبك عند التاجر ؟!!
فقال: أربعون  درهم فقط.
فقال الحكيم : اذهب  إليه غدا ، وأطلب ثلاثون درهما فقط، وأصر على هذا المعاش ،وبعد شهرين تعال وسأنظر في حالك وما وصلت إليه ؟!!
كادت عيون الفقير تقفز من مكانها من هول ما سمع، وكاد قلبه يتقطع ألما وحرقة..
ولكن كيف وقد أعطاه العهود والمواثيق ؟!!!
وذهب الفقير للتاجر وطلب منه راتب أقل ، اندهش  التاجر وأصدقائه ، وحاولوا أن يثنوا عزمه وقراره الغريب، وأن هذا هو الجنون بعينه ، ولكن لا فائدة فقد قضي الأمر ؟!!!
بدأ الرجل الفقير يشعر فعلا بتحسن كبير في راتبه، وبدأت حياته شبه مستقرة وهادئة، ولكن لا زال هناك بعض الدين البسيط جدا ، وبعد شهرين ، عاد الرجل الفقير للحكيم ،مبتسما فرحا، وحكى له ماحصل له ،وأن حياته بدأت تتحسن،  فقال الحكيم : اذهب للتاجر وأطلب منه معاش قدره خمس وعشرون درهم،  فهذا هو راتبك الحقيقي ؟!!
لم يسأل الفقير ، كيف ولماذا  ولكن ولعل وعسى ؟!! فقد وجد الخير والبركة في نصيحته وتنفيذ أمره  …
وذهب للتاجر ، وحصل عراك بالألسن، بينه وبين التاجر وأصدقائه ،كلهم يحاولون أن يثنوه عن هذا الجنون، حسب عقلهم وفكرهم وحياتهم المادية…
وأخيرا نجح الفقير وتحصل على راتب 25 درهما بالتمام والكمال …
مرت أشهر وصاحبنا في أفضل عيش وراحة بال، فنادرا ونادرا جدا ،ما يكون عليه دين، والعجيب بدأ يوفر من راتبه ، والأعجب أنه بدأ يأكل طعام ،ما كان يفكر يوما أن يشتريه …
ذهب هذه المرة ،مسرورا مبتهجا سعيدا للحكيم، واستحلفه بالله أن يخبره السر الخفي والحكمة، والمفتاح الذي فتح عليه هذا الرزق ،من لا شي ومن أين جاءت هذه البركات والخيرات ؟!!!!!!!
تنهد الشيخ الحكيم وقال : المعاش الأول وهو 40 درهم كان كثير عليك ،وماتقوم به من عمل كان يستحق 25 درهم فقط ،ولو بقيت على الأول لمحق بركة ما تستحق، ومهما زاد معاشك ، زاد المحق وعدم البركة، وستبقى ما حييت تعيش في هم وغم ودين ومرض !!!
فهم الرجل الرسالة ،وودع الحكيم وشكره على هذا السر العجيب ، الذي يجهله الكثير، بل ملايين الناس في كل بقاع الأرض…
هذه القصة والله وحسب ظني وتجربتي ، أصابت كبد الحقيقة ، وهي عين الصواب،  وهي سبب محق البركة ، فوالله عندنا موظف يعمل خدمات عامة ، راتبه ربع راتبنا ، فوالله سنوات عديدة ، وأنا استدين منه للضروريات …
وبقيت عشرون عاما أفكر، وأبحث عن أجوبة شافية لهذا الهم، الذي يعصر قلوب ملايين الموظفين  ، وما وصل إليه حالهم فرواتبهم في زيادة وديونهم في زيادة مستمرة ، ونكد وهم وغم لا ينقطع أبدا…
وذات يوم جلست أشكو حالي إلى الله، وإذا برجل حكيم، يحكي تلك القصة أعلاه ، فعرفت السر وكشفت اللغز …
ومن يومها بدأت أتصدق ، بشئ يسير من الراتب ، وإذا بالحال يتغير شيئا فشيئا…
وبدأت الأمور تتحسن فزدت في الصدقة ، ولابد أن تكون شهريا من الراتب ، فوجدت العجب العجاب ، من الخير والبركة…
أيها العامل والموظف ، بكل مكان سواء في شركة أو دولة أو عند تاجر أو في عمل خاص، تصدق ..تصدق ..تصدق ..فوالله ستجد الخير والبركة…
أيها الطبيب ، تصدق يوميا من وظيفتك ، وتجاوز عن المعسر والفقير ..
أيها المهندس أجعل ثلاثة أيام من كل شهر ، هذه مجانا لوجه الله …
أيها المحامي أجعل هناك أياما لتنصف فيها المظلوم بدون مقابل ..
أيها الطبيب أيها الموظف  بأي وظيفة ، أجعل هناك أيام لوجه الله ..
(( أيها المثقفين والمعلمين والإعلاميين ، وكل ذو مهنة  بكل مكان ، انشروا ثقافة الصدقة بأيام معدودة من كل شهر ، لكل وظيفة مجانا لوجه الله ، لمساعدة المحتاجين ونشر التعاون والتكاتف بين المجتمع…))
هذا هو سر ضياع وتبخر رواتبكم ، وزيادة همومكم،  فعالجوها بالصدقة ، لتحل البركة ، وتزيد في أعماركم، وتشفي مرضاكم،  وتزيح همومكم وبلاويكم…
رحم الله امرئ ،عرف الحكمة ، وجعلها كأنفاسه التي يتنفس بها ، فنفع نفسه ومجتمعه ، وكسب خير الدنيا والآخرة.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى