مقالات وكتابات رأي

ثانوية المصموم بدوعن : قصة الطموح

اخبار دوعن / عبـد الله بن أحمد قنيوي

بالعودة بالذاكرة إلى أواخر ثمانينيَّات القرن الماضي، لن يخطئ البصرُ أعداداً
من الطلاب من أبناء وادي دوعن يذهبون في رحلة مضنيةٍ إلى مدينة حريضة التي
تبعد تقريباً 80 كيلومتر من مركز الوادي. كانت وجهة أولئك الطلاب هي ثانوية
امرئ القيس حين كان لا يوجد في وادي دوعن على امتداده ثانوية حكومية تخفف عنهم
مشقة الترحال والبعد عن الديار.

ولم تمضِ سوى سنوات قليلةٍ حتى عزم الشيخ أحمد بامحمد بامعروف العمودي على
تأسيس ثانوية في منطقة (القديم ) الواقعة بين مدينتي صيف وقيدون، وتمَّ
التخطيط لذلك المشروع ثم العمل الجاد حتى أصبحت حقيقةً ماثلة على أرض الواقع
وتمّ افتتاحها في عام 1992م، لتغدو بذلك أول ثانوية حكومية تفتح أبوابها
للطلبة في الوادي.

وانطلقت الثانوية تؤدي رسالتها وتستقبل أفواجاً من الطلابِ، من جميع قرى وادي
دوعن، ومناطق مرتفعات هضبة حضرموت (الضليعة ولبنة والحيسر) وينتشرُ سراج العلم
ممتداً في حقول الوادي وبين قراه وجباله، وتظلُّ الثانوية هي المحضن الوحيد
للراغبين في استكمال تحصيلهم العلمي، حتى افُتتحت عددٌ من الثانويات الأخرى
نظراً لتزايد أعداد الطلاب وصعوبة انتقالهم من قرية لأخرى.

لقد كان لهذه المبرّة العظيمة التي أسهمت فيها هذه الأسرة المباركة (أسرة آل
بامعروف) عظيم الأثر الإنساني حيث تخرّج منها آلاف الطلاب، ومضوا في دروب
العلم. فأصبح منهم أطباء ومهندسون وتربويون. وإنَّ هذه البذرة التي زرعها
عميدُ أسرة آل بامعروف لازالت تحظى برعاية أبنائه وأحفاده من بعده. يبذلون
أوقاتهم وجهدهم للإشراف على سكنها الداخلي وتوفير الاحتياجات للقاطنين فيه من
الطلاب البعيدة ديارهم الشاقة أسفارهم.

لقد أتيح لي أنْ أتشرف بالتدريس في الثانوية في عام 2013م، وكانت الثانوية
خلية نحلٍ في نشاطها العلمي والثقافي. وكان فيها ثلة من أفاضل الأساتذة علماً
وأدباً وتواضعاً. إلا أنَّ الثانوية في حاجة ماسة إلى عدةِ أمور، ربما لا تخفى
على الموسرين من آل بامعروف الكرام كونها أقدم ثانوية في الوادي. ومن تلك
الاحتياجات:

1- الحاجة إلى أثاث بديل في الصفوف الدراسية نظراً لخروج الأثاث القديم عن
صلاحية الاستعمال، ولعلَّ مكتب التربية بالمحافظة أو منظمات المجتمع المدني
تبادر إلى تغطية هذا الاحتياج نظراً لأهميته، وارتباطه مباشرة براحة الطالب.

2- إنشاء قاعة للاحتفالات العامة والمناسبات، والمسابقات والأنشطة الثقافيّة
بالمدرسة، يطلق عليها مثلاً (قاعة الأستاذ المرحوم محسن العمودي) تخليداً
لذكرى هذا الأستاذ التربوي القدير الذي كان مديراً للثانوية، منذ تأسيسها حتى
أُحيل للتقاعد في عام 2009م.

3- تأسيس نادي رياضي ترفيهي للطلاب في السكن الداخلي، يقضون فيه أوقاتهم، في
فترات الاستراحة أو خلال فترات المساء، ويتم الاشراف عليه مباشرة من اللجنة
الرياضية بالثانوية، ولا يخفى ما في ذلك من توجيه للطاقات واكتشاف للمواهب.

4- تطوير مكتبة الثانوية – التي تعدُّ من أقدم المكتبات المدرسيّة في الوادي –
عن طريق تحسين هيكلها الخارجي، واستبدال أثاثها القديم، ورفدها بعدد كبير من
الكتب العلميّة والثقافية الحديثة. إذ أنَّ أغلب الكتب التي تحويها المكتبة
كتبٌ تراثيّة قديمة لا تتوجه إليها أبصار الطلاب وعقولهم في عصر الصورة الملونة

إنّ هذه الأفكار والمقترحات التي نطرحها على طاولة مكتب التربية والتعليم،
ونبعث بها في رسالة عاجلة إلى (آل بامعروف) أصحاب هذه المبرَّة العظيمة والوقف
الكبير، لاتقدح في ريادة ثانوية المصموم، وتميزها وحصادها للمراكز المتقدمة.
ولكنها – أعني الأفكار – ستسهم في خلق جيلٍ متميز واعٍ متجاوب مع معطيات
العصر. وتجعل من هذا الصرح مهوى العقول ومرتع الأفئدة الظامئة إلى قطرات
العلم، ورحيق المعرفة.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى