دمك ثقيل ابتعد عن طريقي دمك خفيف اقترب يا رفيقي

هذا العنوان ليس بيت شعر نسجته القريحة من فراغ،بل حقيقة وقفت عاجزا عنها، ،فالحياة كتاب مفتوح ،وسر يحتاج للوضوح،هناك الكثير من العبارات تخفي وراءها عجائب وخفايا ،فمنها هذا الذي يرددها الناس بدون دليل أو برهان ،وكأنها مزحة أو شتيمة يوجهها لك ( دمك ياأخي ثقيل ) هذه العبارة حقيقة يشهدها الواقع، فعلا كم من شخص يحمل وسامة المنظر ،وقسمات الخلق الجميل ،وذو بشرة بيضاء، وإبتسامة ساحرة ،ولكن ؟!!!!! دمه ثقيل لا ترتاح له النفس ،لا ينشرح له الخاطر، لا تتذكره إذا غاب،ليس له في القلب مكان ،ولا في باطن الوجدان نصيب، غير المجاملات الظاهرة فقط ؟!!!!!!!
هل هذه الظاهرة حقيقة يشعر بها الناس جميعاً ؟!!!
نعم فمن واقع الحال ،هي كذلك ومالسر في دم هذا الشخص سواء ذكر أو أنثى ؟!! لا نعلم إنها قدرة الخالق عز وجل .
فقد تجد بأسرتك مثلًا شخصاً محبوباً وبشوشاً، وذو وسامة جذابة ،ولكنه يمتلك في باطنه وفي عروقه دم ثقيل،لا ترتاح له النفوس !!!!! فما أن يطيل الكلام حتى تبدأ النفس تعافه وتشعر بضيق بصدرك وشعور لا إرادي تتمنى سكوته ،وربما غادرت المكان الذي هو فيه بأي عذر ،حتى ولو كان ابن خمس سنوات،طفل صغير ،وهنا يكمن السر في نوعية الدم الذي يحمله ،هو من النوع الثقيل !! هذا ليس نفط عربي ،إنها حقيقة لا امتلك لها دليلا قاطعا ،وليست شئ ملموس لكي نفحصه ، إنه مثل الروح في الجسد ،وجودها ثابت وحقيقة ،وإثباتهاعلميا ،يستحيل ذلك ،لأن علمنا محدود ،وقصير المدى ،أمام علم الله الذي يحيط بكل شي علما .
وهناك إمرأة سمراء ،خفيفة الظل ،ممشوقة القوام ،لا يبدو عليها جمال القمر ،ولكنها ،تسكن القلب في غمضة عين ،تهيم بها بدون شعور ،تمتلك مفاتيح قلبك ،والسبب والسر الخفي دمها خفيف ، يرتاح القلب لرؤيتها يطرب البال لسماع صوتها، وتنسج الأشعار في عشقها بكل حباً وصدق.
وهناك شخص ما أن يتكلم حتى تجد القلوب منشرحة، والآذان صاغية لسماع صوته ،والأنس به ،كلماته كالسحر في الأبدان ،حكاياته محفوظة ،وعباراته محفورة في الوجدان ،يطيب المجلس برؤيته ،ليس لجمال وجهه أو رؤعة قوامه ،وإنما لخفة دمه ،وجمال نطقه ،وحلاوة مجلسه ،فهنا يكمن السر الخفي والعجيب ،فسبحان الخالق والقادر على كل شئ.
ليس المنظر الذميم هو الذي يجعلك تطيب وتقترب أو تبتعد من كينونة هذا المخلوق ،وإن كان له دور كبير وجذاب ،فالإنسان بطبيعته يحب الجمال وهذا شئ طبيعي ،ولكن السر في خفة الدم أو ثقل دم الشخص،خذ مثالا حي على ذلك :
قد تنخدع وتنجذب وتعشق امرأة تراسلك من بعد آلاف الكيلو مترات ،لا تسمع إلا صوتها فقط عبر الجوال ،ولا تقرأ إلا رسائلها ،فتنجذب نفسك إليها،وتهيم بها حبا وعشقا،وتمرض نفسك ،وتسهر الليالي ،فتتمنى الزواج بها ولو تدفع روحك مهر لها ،ولكن ماذا يكون حالك لو علمت أنها عجوز قد تخطت الخمسين عاماً وفوق ذلك طريحة الفراش تنتظر ملك الموت ؟!!!
بكل بساطة ما جذبك هو خفة دمها ،والذي يعتبر مغناطيس القلوب ،فالصوت له سر يخترق القلوب ولو من بعد مئات الكيلو مترات ،فمن خلاله تعرف دم وطبيعة من تخاطب ،فعلًا سر يكتنف هذا الكائن الحي العجيب ،فمنذ ولادته تكون حياته في المستقبل .
يظل هذا الكائن يحمل بين جنباته الكثير من الأسرار ،وما يجعلك تنجذب لشخص ما هو طبيعة دمه ،وليس شكله ،وهذا هو الغالب ،ومن طبيعة إنشغالي بكشف هذه الأسرار من واقع الحال ،وإهتمامي الكبير بكشف أسرار تحيط بنا ،ونشعر بها ،ويشعر بها الجميع ،حاولت ترجمة هذه المشاعر الداخلية ، إلى حروف وكلمات تتكلم بلسان الجميع ،ولسان حالها يقول : نعم هذا ما نقابله في حياتنا ونشعر به ،ولنا في ذلك تجارب .
واكتشفت أن الصوت هو مقدمة لمعرفة نوع وماركة دم هذا الشخص ، فكم من حسناء ،تجذبك وتسحرك بجمالها ،وما أن تتكلم ،حتى تتمنى أن أمك لم تلدك في هذا اليوم لماذا ؟!!!!
لان صوتها كأنه الرعد ، أو آلة حادة تقطع في قلبك ،فتصطك أسنانك ،وتلتفت يميناً وشمالاً ،تبحث عن منفذ لتنجو بنفسك .
فالصوت له علاقة عجيبة في قربك أو بعدك من هذا الكائن العجيب ،وكم من صوت سحر عقلك ،وقلب ميزان حياتك ،فصرت من مؤيديه ومناصريه،وممن يقدم الغالي والنفيس لأجله ،فأنظر للخطباء والرؤساء كيف جذبوا القلوب ،والمناصرين حولهم بسحر كلامهم وخفة دمهم، وآخرين من الرؤساء تعاف رؤيتهم الحمير ناهيك عن البشر والواقع خير شاهد بالدليل القاطع والبرهان الساطع .
ألم تصدق قريحتي عندما قلت:
دمك ثقيل ابتعد عن طريقي *** دمك خفيف اقترب يا رفيقي
فمهما غصنا وتعلمنا ،نظل جاهلين ،في معرفة نقطة في بحر أسرار هذا الكائن البشري فيارب علمنا ماجهلنا ،وهبنا الفراسة والعلم يا عليم ياحكيم .