أخبار حضرموت

صلة وترابط بين الحبيب عمر العطاس والشيخ علي باراس

بقلم/ سالم محمد بجود باراس

لن يزيد قلمي شيئا في لآلئ وجواهر تاريخ أجدادنا وحرصهم على العلم والتفقه
وكسب العلوم ، ولكن سنميط اللثام وننفض التراب عن الصلة القوية والترابط
التاريخي بين الحبيب عمر بن عبد الرحمن العطاس المتوفي سنة 1071هجرية والشيخ
العالم علي عبدالله باراس الذي ولد عام 1027هجرية وتوفي عام 1094هجرية .

عجبت لهمة وعزيمة الشيخ الحبيب عمر بن أحمد بن طالب العطاس كيف تواصل معي
بتاريخ 22 | 4| 2017 م رغم كبر سنه إلا أنه علمني درسا لن أنساه في حياتي ،
ظننت من يتواصل معي رجل لا يتجاوز عمره الأربعين سنة فوجئت وكاد العرق يتساقط
من جبيني عندما قال لي : عمري 76 عاما .وجدته حريصا على طلب العلم والبحث عنه
حتى إنني استفدت من معلوماته عن جدي الشيخ علي بن عبدالله باراس .

ولم يكن هذا الشيخ الطاعن في السن ممن درس في الجامعات ، ونال الشهادات
الراقية ، ولكنه رجل بسيط ومتواضع جدا ، ولد السيد أحمد بن عمر بن طالب
العطاس بالهجرين مديرية دوعن سنة 1362هجرية وهو مقيم حاليا بالمملكة العربية
السعودية بالأحساء ، ويتردد على حضرموت بين الفترة والأخرى ، بدأ تعليمه
الإبتدائي في معلامة الشيخ أبو بكر باوجيه بن عفيف بالهجرين في تلقين القاعدة
البغدادية ، ومن ثم بالمصحف الشريف ، ثم واصل تعليمه في المدارس الموجودة
بالهجرين آنذاك : المعلامة التي بجوار مسجد الجامع ، ومدرسة الحكومة بالهجرين
، ومدرسة ابن محفوظ في خريخر وفي عام 1375 هجرية ذهب لتريم ومكث بالرباط لمدة
سنتين تعلم فيها الفقه والنحو ، وكان شغوفا بالقراءة والمطالعة والتدوين لكل
شاردة وواردة في دروس العلم.

وتتمثل الرابطة القوية في قول الحبيب عمر بن عبدالرحمن العطاس :
( من فرق بين عمر وعلي لا يفلح ) هذه المقولة قاموس يحوي معاني سامية لهذه
الصلة المتينة .. وهنا يقوي صلة الترابط والأخوة بينه وبين الشيخ علي بن
عبدالله باراس ، لتظل هذه الكلمات تدور في فلك الزمان لترسي دعائم الأخوة
والترابط الذي سيظل قويا ومتماسكا.

ويعتبر الشيخ علي بن عبدالله باراس من أخص تلاميذ ومريدي الحبيب عمر بن عبد
الرحمن العطاس الذي وصفه بقوله ( أنا صندوق مقفل ومفتاحه الشيخ علي باراس )
ولهذه المقولة قصة ، يحكى أن الشيخ شيبان بن اسحاق لما حضرته الوفاة قال له
بعض تلامذته : يا سيدي إلى من تأمرني أن أذهب بعدك ؟ فقال له الشيخ : إلى
سيدنا عمر بن عبدالرحمن العطاس .. فأتى الرجل إلى السيد عمر العطاس وأعلمه
بكلام الشيخ ، فجعل الحبيب عمر يبعد عليه الأمر ، ويوهمه أنه ليس عنده شئ مما
أشار إليه ، فلم يقبل منه ولازمه على ذلك ، فقال له سيدنا عمر العطاس مقولته
المشهورة ( إنما أنا صندوق مقفل ، والمفتاح بالخريبة..إذهب إلى الشيخ علي بن
عبدالله باراس ولازمه يحصل لك المقصود إن شاء الله ..) .

ومقولات الحبيب عمر بن عبدالرحمن العطاس في شان الشيخ العلامة علي بن عبدالله
باراس كثيرة وجمة ولكن نضع ما اشتهر وذاع على ألسنة الناس والحفاظ بالتواتر

ومنها عندما رأى الحبيب عمر العطاس نبوغ وكرامات وولاية وعلم وفقه الشيخ علي
باراس ، قال مقولته الذائعة الصيت ويأمره فيها بأن يستقل بنفسه وبعلمه فقال له
: ( لا يصح سيفين في جفير ) ومن يومها أصبح للشيخ علي شان عظيم في العلم
والتأليف والتي تجاوزت مؤلفاته أكثر من 18 مؤلف ومصنف .

هذا فيض من غيض للصلة والرابطة القوية والمتينة بين آل العطاس وآل باراس منذ
أكثر من ثلاثمائة وخمسون عاما ولازالت تسطر أجمل تاريخها بأنامل أجيالها ، فقد
قام الحبيب أحمد بن عمر بن طالب العطاس بنقل كتاب الشيخ علي بن عبدالله باراس
(شرح الحكم العطائية ) بخط يده وجهده الخاص وصار يوزعه مجانا لأغلى ناسه
وأحبابه ، وهذا يدل على حبل الوصال الذي لا زال ولن يزول طالما بقي الليل
والنهار بإذن الله .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى