كيف تعرف حقيقة الألم ؟!!!
كاد الصراخ ان يفقدني صوابي …هرعت إلى مصدر الصوت …وكاد قلبي ان يتقطع من هول مارأيت…طفلة صغيرة تصرخ وتبكي وإحدى رجليها مبتورة والدماء تملأ المكان …حاولت جاهدا مساعدتها ولكن الأمر قد فات …وكانت آخر كلماتها…سألحق بأمي إلى الجنة …ثم لفضت أنفاسها الاخيرة…لم أستطع ان اتمالك نفسي فتساقطت دموعي على الارض …ثم سمعت نداء يفتت الصخر ويكسي القلوب مهابة…رجل يحمل على كتفيه امرأة ..والدم ينزف منها وهو يصرخ : ألا يوجد أحد هنا يساعدني…اسرعت السير إليهما …فإذا امرأة كالقمر قد فقدت يدها اليمنى ورجلها اليسرى… إثر قذيفة من العدو…فقال والدموع تسبق كلامه : بالامس تزوجتها بعد طول عشق وانتظار …وهاهي اليوم جثة هامدة …ثم رماها لي وقال : ادفنها وادع الشباب يساعدونك …أنا ذاهب للجهاد والله ثم والله ان موتها وموتي في يوم واحد بإذن الله…قمنا بالدفن وعمل الوجب …ثم غادرت المقبرة وقلبي يقطر دما …وإذا بصوت خافت من خلف ظهري…انظر زوجها استشهد الآن في معركة التواهي …عندما سمعت هذا الخبر سقطت مغشي علي….أم تبكي على فراق ابنها وزوجها وأخيها…تفقد كل شي الاهل والبيت والاقارب…أي حرب هذه …أي قذارة ينتهجها هؤلاء الوحوش…ما رأيته في ذلك اليوم مخيف ومفزع ورهيب…أشلاء تمزق وأطراف تقطع…وأجساد تمزق…دماء في كل مكان ….ودموع كأنها أنهار …أيتها السماء رحماك …أيها المارد العنيد …كفى كفى…لقد شربت من الدماء ما تشمئيز منها الأنفس والطباع…ماذا تقول لرب العالمين يوم يقوم الاشهاد ؟!!!
ولكن تخاطب صخر بلا ضمير…بلا إنسانية ….بلا روح ….عذرا أيتها الالام لن يشعر بما تتجرعينه من ألم وحزن إلا من ذاق نفس المصير