كيف كنا ؟ وكيف أصبحنا في عهد الوحدة اليمنية ؟!!

كنا ملوكاً نتقاسم اللقمة بين الإثنين لا نعرف رائحة الموت ولا صوت البندقية ، كان العدل والأمن والأمان دستورنا قولاً وفعلاً …
كانت سياراتنا وحوائجنا تبات في الطرقات والشوارع وفيها نقودنا ولا أحد يستطيع الإقتراب منها لا ليلاً ولا نهاراً …
وأصبحنا نحرس متاعنا وما نملك وأيدينا على الزناد ونستأجر الحراس ونصنع أقوى الأبواب خوفاً وفزعاً من السطو عليها …
كنا ننعم بالسكينة والأمان وراحة البال ،نأكل من أشهى المأكولات الصحية ،كان الجندي يحرسنا واليوم أصبح الجندي يسرقنا …
أصبحنا في عهد الوحدة الميمونة هياكل عظمية لا نجد ما نسد به رمق العيش ، جردت من ضباطنا الرتب والمناصب والسلاح ونهبت أرضنا براً وبحراً وجواً …
كنا نملك عملة يعز فراقها تكفي أولادنا ومستلزماتنا وندخر منها للشهر المقبل ، كنا نملك قانون ونظام ومسؤولين كأنهم ملائكة يحبون العدل الإنصاف …
وأصبحنا نملك عملة شيطانية أصنامها واضحة للعيان قيمتها لا تساوي الحبر الذي كتبت به ،لا يستطيع الموظف أن يسدد به فاتورة الكهرباء ناهيك عن الضروريات الأخرى وأما الباقي فالله يستر على عباده …
كنا نفتح المساجد على مصراعيها للغريب وعابر السبيل وكانت بيوت الله نظيفة ونقية …
وأصبحنا نغلق المساجد لأنها سرقت ودنست وتلطخت جدرانها بالأوساخ والأقذار …
كنا نترك باب دكاننا مفتوحاً ونهرع للصلاة فنجد كل شي على ماهو عليه …
وأصبحنا نغلق محلاتنا بألف كالون ومفتاح ولم نسلم من السرقة والتهديد والقتل …
كان التعليم له نكهة خاصة وقوانين صارمة وظاهرة الغش تعتبر جريمة عظمى فوالله أن المعلم يخرج من عند طلابه ليحتسي كوب من الشاي ولا يستطيع أحد أن يغش حرفاً واحداً …
وأصبحنا نغش جهاراً عياناً وبمكبرات الصوت وأصبحنا نبيع الشهادات في سوق السوداء وبدراهم معدودة …
كانت عندنا الخمرة ولا يشربها إلا ثلة قليلة واليوم عندنا شجرة إبليس يقتاتها كل ذي نفس وروح وأفسدت البلاد والعباد ورجعت بنا لعصر الحمير والبقر نأكل ونجتر ونبعر…
كنا نملك قضاء عادل صارم لا يحيد عن الحق قيد أنملة وكان للقضاء هيبة وشان يذكر…
وأصبحنا نملك قضاة فاسدين القاضي الصالح فيهم يتم طرده وإبعاده فصرنا نسمع ونرى قصص للقضاة المرتشدين يشيب منها راس الرضيع ناهيك عن البالغ العاقل …
كنا نملك خدمات يصعب عدها وتعدادها في هذا المقال الخاطف كالمستشفيات ودكاترة ماهرين وأدوية رخيصة وتخضع للراقبة والتفتيش …
وأصبحنا نملك عيادات للكسب السريع ودكاترة همهم جمع المال والحصول على نسبة من تلك الصيدلية فيكون مروج لأدويتها عبر المرضى ومحدودي الدخل وماخفي من جرائم يشيب منها الولدان كان أعظم ولكن القبور ملفاتها تحت الركام ،والحساب عند الواحد الديان …
كنا نتزاور ونعطف على القريب والصديق والأخ ،لا نعرف أسواق السلاح وصناديق الرصاص والقنابل وهلم جراً …
وأصبحنا أعداء قلوبنا مشحونة بالحقد والكراهية ،وتدور بيننا خصومات كحرب بكر وتغلب ، قلوبنا كجنح الغراب سواداً وعقولنا كالبهائم همنا جمع المال من حرام أو حلال …
كان الموت عندنا شئ عظيم فلو مات غريب تجد دموعنا تسابق كلماتنا فكيف بالقريب والحبيب …
وأصبحنا نرى الموت كأنه موت جراد أو فراشات تأكلها النار ننقذ شجرة إبليس ( القات) ونجرد النساء من ذهبهن ونهرب كالقطط تلوح بذيلها…
كنا لا نسرق ..لا نكذب ..لا نغش، كنا شعب يحترم الإنسان ويقدر المسؤولية يعمل ليخدم المواطن يسهر ليريح شعبه …
وأصبحنا نسرق ونغش ونحتال ونفتي بما شاء وأراد الفراعنة ولو نفتي بإسلام شارون المهم أن تملئ الجيب بالدرهم والدينار …
أصبحنا نقتل المواطن بدم بارد ونجرعه الجرع ليموت ألف مرة ثم نتظاهر بالمكر والخداع والكذب بأننا حماة هذا الشعب والوطن ؛ حاميها حراميها …
كنا وكنا أسياداً نأكل ما لذ وطاب حلال زلال ، كنا نمشي ولا نلتفت خلفنا لأن الأمن خيم علينا كنا قاب قوسين أو أدنى أن نروض الأسود والذئاب في البريات …
وأصبحنا ذئاب بشرية وأفاعي سامة نأكل بعضنا بعضاً عياناً نمشي ونتلفت ألف مرة قبل وصولنا بيتنا ثم نغلق الأبواب بأغلى الأقفال لأن الأمن والأمان شبه معدوم ..
كنا نشتري كرتون اللبن ( دانو) ب 120 شلن فيه 6 علب دانو الآن العلبة فوق 3000 ريال يمني …
كنا نشتري الجمل ب 15 ألف شلن الآن نشتري الماعز ب 40000 ريال يمني يعني ضعف الراتب الذي يتقاضاه العامل العادي ..
كنا نأكل من أجود أنواع السمك الثمد والغودة وهلم جراً وبسعر التراب ، واليوم لا نجد إلا اللخم وصيد الساردين ( العيد ) وأصبح الصيد عملة صعبة ،ارتفعت الأسعار بشكل جنوني ومخيف حتى صرنا من أفقر دول العالم …
هكذا هو حالنا ومصيرنا مع عهد الوحدة واليمن السعيد وهكذا كنا ملوك وسلاطين قبل هذا اليوم المشؤوم …
وكيف أصبحنا كالقطط تأكل الحشرات وما بقي من فتات الخبز ؟!!!!!
فمتى نعود كما كنا ، شعب له قيمته كإنسان ؟!!!
متى تعود الكرامة والهيبة لشعبي المسلوب منذ أكثر من عشرون عاماً يموت جوعاً ويتجرع الألم ،فلا هو حي فيرجى ولا ميت فيستراح منه والله المستعان ؟!!!
كنا ملوكاً فوق الملوك وأصبحنا كالمتسولين مهاجرين في أرضنا فليس لنا قوة لدحرهم وهم مثل ياجوج وماجوج عدداً وقوة ولكن الله قوي متين …
ثرواتنا أمام أعيننا تنهب والجوع يفتك بنا وصدق الشاعر حيث يقول :
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ ***
والماء فوق ظهورها محمول