أخبار حضرموت

الروح والمادة وفلسفة الحياة

الروح والمادة وفلسفة الحياة

اخبار دوعن / كتب🖋️ سالم بجود باراس

لو نظرنا للواقع اليوم بمفهوم عقلاني لوجدنا أن الحياة التي نعيشها – نحن بنو البشر- هي صورة طبق الأصل للأرض وما حوت سوى في بطنها أو على ظهرها .. على سبيل المثال لا الحصر ؛ هناك بشر معدنهم الذهب الأصفر لا يصدأ ولا يتغير يكون معك في السراء والضراء أصيل بكل ما تعنيه الكلمة ..وهناك بشر كالحديد يصدأ ويتآكل مع الزمن لذلك حينما يجد مصلحة تجذبه ينسى ذاك الزمان وصحبته ،وهناك قوم كالريحان رائحته تطربك والقرب منه يسعدك .. وآخرون كالمر والعلقم صعب أن تتعايش معهم طباعهم طباع خنزير وصحبتهم وجع رأس وضياع وقت ..وهكذا لكن دعونا نقارن بين البحر واليابسة فالبحر يشكل تقريباً ثلثي اليابسة والماء في أجسامنا مثل ذلك ،دعونا الآن نلقي نظرة على الروح وهنا أقصد الروحانيات ،وماذا تشكل في حياتنا ليستقيم الميزان في الأرض ؟! الروحانيات حب الصلاة والتعبد لله وخلع الدنيا من قلوبنا ،التأمل ،الحكمة ،تغليب مصلحة الجميع على مصلحة الفرد ،التخلي عن مالك وإن كنت صاحب الحاجة إذا اقتضت الحكمة لذلك ، لترميم الشرخ ولم الشمل ، أو الخوف من الانزلاق لما هو أكبر وهكذا .
إذن الروح تشكل ثلثي حياتنا واليابسة الثلث الباقي ،وهي تمثل تعلقنا بالدنيا بقدر معلوم وعدم حب المادة أكثر من اللازم، والتسامح هو القاعدة الذهبية في كل شؤون حياتنا، إذن هذا الميزان لنعيش بسلام وأمن وأمان وتصغر الأحقاد وتذوب الكراهية وحب الذات وهلم جراً.

ولكن عندما تصبح اليابسة ثلثي حياتنا وتنخفض درجة الروحانيات إلى الثلث وأحياناً تختفي تماماً وتسيطر المادة على الروح ،هنا تحصل الكارثة ويكثر القتل والسلب والنهب والظلم ،ويصبح العقل والجسد مملوك للمادة ومخدر بها ،وربما هذا هو الحاصل اليوم ..تعددت المسميات والمصطلحات وتغيرت الأفكار والعبارات ،ولكن الجوهر واللب والهدف واحد ،وصدق شاعر قديم من السادة من حضرموت حيث يقول عن الدنيا :

جوها سم وقاعها قبر مفتوح
أنت تطلبها الراحة وهي تطلبك في الروح .

زر الذهاب إلى الأعلى