تطبيق نهج اللامركزية في مشاريع الطاقة الشمسية.. رؤية تستحق التوقف*
أخبار دوعن /مقال ل /ابوبكر باعظيم
في عصر يشهد فيه العالم تحولاً سريعاً في قطاع الطاقة والتنمية المستدامة،
يبرز نهج اللامركزية كخيار عملي وفعال في مواجهة تحديات المناطق الريفية
والنائية.
لا يقتصر هذا النهج على كونه وسيلة لتوفير الطاقة، بل يمتد ليشكل رؤية جديدة
تعزز مشاركة المجتمعات في إدارة مواردها، وتقليل الاعتماد على الأنظمة
المركزية المرهقة.
*ماذا تعني اللامركزية في سياق المشاريع التنموية ؟*
اللامركزية تعني ببساطة توزيع الموارد على المستوى المحلي، بدلاً من الاعتماد
الكامل على أنظمة مركزية ضخمة.
وفي مجال الطاقة، يعني ذلك إنشاء حلول طاقة مستقلة، مثل أنظمة الطاقة الشمسية
التي تُدار محلياً لخدمة المجتمعات مباشرة.
هذه الفكرة، التي كانت يوماً ما مجرد مفهوم نظري نشأت في عدة سياقات تنموية ،
الا أنها أثبتت جدواها في تحسين جودة الحياة في المناطق النائية، خاصة في ظل
ارتفاع تكاليف إيصال البنية التحتية المركزية إلى هذه المناطق بسبب ضعف موارد
الدول أو حالة هشاشة الدول بسبب النزاعات أو الصراعات .
*لماذا اللامركزية؟*
حلول مرنة وفعالة:
تُتيح الأنظمة اللامركزية توفير الطاقة بشكل مباشر للمجتمعات التي يصعب وصول
الخدمات المركزية إليها.
خفض التكاليف:
تساعد هذه الأنظمة في تقليل التكاليف التشغيلية المرتبطة بالنقل أو الصيانة
الدورية ، حيث تعتمد على مصادر محلية مستدامة للطاقة مثل الشمس أو الرياح .
استدامة بيئية:
تقلل اللامركزية من الانبعاثات الكربونية، بفضل اعتمادها على مصادر متجددة
للطاقة، ما يسهم في الحفاظ على البيئة.
تمكين المجتمعات:
تشرك المجتمعات في إدارة مشاريعها ومساهمتها فيها ، مما يعزز شعورهم
بالمسؤولية ويخلق فرص عمل في مجالات الانشاء والتركيب انتهاء بالصيانة
والتشغيل.
*مؤسسة صلة للتنمية.. تجربة ملهمة*
في اليمن، حيث تعاني المناطق الريفية من شح الموارد وصعوبة الوصول إلى الخدمات
الأساسية بسبب وضع الدوله الهش، قدمت مؤسسة صلة للتنمية نموذجاً عمليا في
تطبيق اللامركزية.
تعمل المؤسسة، عبر مشاريعها المتنوعة، على تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات
السكان وتعزيز الاستدامة البيئية.
ومن أبرز مشاريعها في قطاع المياه :
1. تشغيل آبار مياه الشرب بالطاقة الشمسية:
في أكثر من 8 محافظات ، تمكنت صلة من توفير مياه نظيفة ومستدامة عبر تشغيل
الآبار بالطاقة الشمسية، مما خفف معاناة الأسر من شح المياه.
2. منظومات الطاقة الشمسية للآبار الزراعية:
ركزت المؤسسة على دعم المزارعين من خلال تركيب أنظمة طاقة شمسية لتشغيل آبار
الري الزراعي في 3 محافظات ، مما أسهم في خفض تكاليف الري، وزيادة الإنتاجية
الزراعية، وتحقيق الأمن الغذائي.
3. أنظمة الطاقة شمسية للمرافق والمنازل :
في المناطق النائية والمدن ، قامت صلة بتوريد أنظمة طاقة شمسية على المرافق
العامة والمنازل في 5 محافظات ، لتلبية احتياجات المرافق (صحية ، تعليمية ،
تنموية ) + الأسر من الإنارة وتشغيل الأجهزة الأساسية.
4. حصاد مياه الأمطار:
في إطار الحلول البيئية، نفذت المؤسسة مشاريع لتجميع مياه الأمطار كالحواجز
المائية وخزانات المياه واستخدامها في الري والشرب، مما يعزز من استدامة
الموارد المائية.
*رؤية مستقبلية وتحديات قائمة*
رغم نجاح نهج اللامركزية، إلا أنه يواجه عدداً من التحديات التي يمكن التغلب
عليها عبر التخطيط المدروس والشراكات الفاعلة ابرزها :
التكاليف الابتدائية المرتفعة:
تحتاج الأنظمة اللامركزية إلى استثمارات كبيرة في البداية، لكن العائد طويل
الأجل يجعلها مجدية اقتصادياً.
نقص المهارات المحلية:
يمكن معالجة ذلك عبر تنظيم دورات تدريبية للسكان المحليين لتشغيل وصيانة
الأنظمة.
*نحو نموذج عالمي*
تثبت تجربة مؤسسة صلة للتنمية أن اللامركزية ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة ملحة
آنية لتحسين حياة المجتمعات الريفية.
من خلال مشاريع مثل تشغيل آبار المياه والآبار الزراعية بالطاقة الشمسية
ومنظومات الطاقة للمرافق العامه و المنزلية، قدمت صلة حلولاً نموذجية يمكن
تعميمها في مختلف الدول النامية كنهج يمكن البناء عليه في خطط التنمية.
وكمهتم ومنخرط في إدارة مشروعات الطاقة الشمسية، أؤمن بأن نهج اللامركزية يمثل
مستقبلاً واعداً، حيث يعزز التنمية المستدامة ويمنح المجتمعات الريفية فرصة
حقيقية للاعتماد على الذات وهو نهج ينبغي دعمه محلياً ودولياً خصوصاً في حالة
اليمن الاستثنائية التي تعاني من شتات سكاني عميق يمثل تحدي في خارطة التنمية
للجغرافيا اليمنية .