مقالات وكتابات رأي

حديث الثلاثاء (2) الإبداع في عصر مضطرب

الوضع الذي نعيشه اليوم في العالم العربي بشكل عام، وفي اليمن بشكل خاص، ليس وضعاً استثنائياً في تاريخ الأمة العربية، فلقد مرت أحداث هي أشد قسوة وإيلاماً من واقع اليوم. وبقراءة فاحصة للتاريخ الاسلامي يتبين ماقلناه سابقاً.

وما يعنينا هنا هو قدرة المبدعين من المفكرين والفلاسفة العرب علئ تجاوز اللحظات البائسة في واقعهم، وتركيزهم على الإنجاز في الاختصاصات التي أبدعوا فيها فأنجزوا لنا تراثاً عظيماً، ربما يعتقد كثير من المسلمين اليوم أنه أنجز في رخاء ودعة.

وأمثلة ذلك كثيرة جداً ففي حين كان المتنبي يكتب أروع القصائد الشعرية في التراث العربي، كانت هيبة الخلافة في بغداد مهددة من الفرس والموالي، ووصل الحد إلى أن تسمل أعين الخلفاء ويزج بهم في السجون.

وفي العهد الذي كان توضع أصول المذاهب الأربعة، ويتم تأسيس أكثر علمين خطورة في الدين الاسلامي، وهما علمي الحديث والفقه، كانت دمشق دار الخلافة أشد اضطراباً، وكانت العراق كذلك ولم تسلم مكة آنذاك من أن يرميها الحجاج بالمنجنيق.

وهكذا لاحقاً في المغرب الاسلامي، فقد كان حازم القرطاجني يكتب أعظم كتاب في النظرية البلاغية في التراث العربي، بينما كانت أوضاع الاندلس الداخلية في حالة من الاضطراب العظيم.

فالإبداع الفردي غالباً لايرتبط بالأحداث المحيطة، إلا إذا استسلم لها الإنسان، وقعد عن إدراك غاياته وتحقيق أهدافه.

ومن هنا كان لزاماً علينا في حضرموت بشكل خاص أن نتجاوز هذه الأحداث التي يحاول البعض أن يصنع من خلالها أداة للفشل، وسبيلاً لبث اليأس، وإقصاء العلم بوصفه نبراساً للحياة ودليلاً هادياً في ظلمات الكون.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى