أخبار حضرموت

جنازة حي ليته مات !!

اخبار دوعن / بقلم : سالم بجود باراس

دعني أداعب الكلمات يا عزيزي ..وأروي لك قصة وطن جريح وجرحه دائم ينزف ..ليته
مات فيريح نفسه ويرحمنا من طول السهر والتعب ..
لن أطيل عليك فأحرف كلماتي لا تحمل طلاسم وشفرات ، تحتاج لخبير لفك رموزها
وأسرارها..
إنه الجهل القابع في أجسادنا كالشيطان المتلبس .. ثم نتوارثه جيل بعد جيل ،
فمتى يغادر هذا الشيطان عقولنا وأجسادنا ؟!!

لن نبني جيلا ولو ملكنا كنوز الدنيا بما فيها ..طالما الجهل كالظل يمشي معنا
في حلنا وترحالنا..

لن نكسر شوكة عدونا طالما العلم يمشي عريانا في أوطاننا ..لن نبني وطنا طالما
القبيلة رأس دستورنا .

لن نحوز الشرف طالما ألسنتنا تمتد كالحرباء لتلتصق بالجراثيم والقاذورات..لن
يكون هناك سلام وأمن ..طالما نعلم أجيالنا تراشق المذاهب والأديان ..والجرح
والتعديل في البلدان ..

من وضع عصا العلم واتجه إلى عصا الظلم ويا غالب ويا مغلوب .. فمصيره مصير
المثل الذي يقول ( دلت براقش على أهلها ) ..

والله ثم والله مثنى وثلاث ورباع لن نتقدم إلا بالعلم وحده ونبذ التعصب
والقبلية والأحزاب ..وليكن عندنا هدف واحد ..يتحد معه الجميع هو الوطن وحده ..

نحن الشعب اليمني جنازة تمشي على الأرض بلا روح بلا إنسانية بلا ضمير ..لأننا
نمجد الأحزاب والقبلية والأعراف البالية.. فنبت شعب همجي ، بعد أن كان الحضرمي
يضرب به المثل شرقا وغربا في جميع بلدان العالم ..دخل علينا السوس فنخر
أجسادنا وعقولنا ..فهل من عودة يا حضرموت الأبية. والعودة محمودة.. أين هاف
لندن وذاك الزمان يا عدن الحبيبة ؟!!

العلم هو الرئة التي يتنفس بها الحضارم منذ عصور قديمة..وهذه الرئة حصل فيها
بعض الران .. فلابد أن تستعيد مجدها وتاريخها التليد..وكنموذجا فلتعد مدرسة
غيل باوزير الوسطى .. وستعود حتما الروح من جديد لكل بيت في حضرموت .
فلتعد أبيات باكثير تزلزل الحضارم من جديد:
إن ثقفت يوما حضرميا ..جاءك آية في النابغينا.

الجهل لا زال يعشعش فينا .. وهو أشد سوادا من الليل البهيم ..طالما تجد السب
واللعن والشتم في أسواقنا .. فأعلم بأنك لازلت تعيش في عصر البعير والحمير ..
بل هم أفضل منك ومني خلقا وأدبا وعلما .. فقد كانوا يمجدون العلم ونحن نمجد
الجهل والتخلف .. وواقعنا خير شاهد..وإن كان هناك بصيص أمل فلا يرقى لما نريد
ونطمح ..

ثلاث هن مهلكات للأوطان القبيلة والاحزاب والدين ..القبيلة رأس التخلف في أي
مجتمع مدني ..بل هي الشريان الوحيد الذي تتغذى عليه فتكبر وتتعاظم فتصبح
قنبلة مؤقته لكل شر وتناحر..الأحزاب تعتبر بمثابة الرأس من الجسد ..كلا يدعي
بأنهم ملائكة يمشون على الأرض .. والحقيقة بأنهم شياطين تبث سمومها وشرها في
كل مكان ..ثم تجعل من أجساد الضعفاء جسر تبني عليه طموحاتها ومآربها الشخصية..
الدين هو القلب الذي يعيش به الإنسان فصار ورقة رابحة لمن استطاع أن يجيد
اللعب به فيسيطر على العقول والموارد.. ويهلك به الحرث والنسل ويختطف به
الإبتسامة .. ويحل الدمار والموت والخراب ..وتصبح الأجساد قرابين للجهل
والتخلف وقول بلا علم ولا نظر للعواقب مستقبلا …

العلم سراج يمشي أمامك وبين يديك ..ويظل ونيسك ورفيقك مدى الحياة.

لن ولن نلحق بركب الدول المتحضرة إلا بالعلم ..تركيز مكثف في المدارس
والجامعات والأبحاث والدراسات .. هو النقلة النوعية التي ستحرك السفينة قبل أن
تغرق ..

ولا أعني بالعلم ماهو اليوم لدينا من مناهج متخلفة وسامة وليس فيها روح .. بل
هيكل عظمي نحاول أن نبث فيه الروح بالخيال والأحلام والأماني..

العلم الذي أطمح له بأن يكون في أوطاننا العربية علم نستورده من تنزانيا
وماليزيا وسويسرا وأمريكا واليابان ثم نضيف له مما نحتاج إليه من هنا ..أما
أن نعتمد على العلماء الذين عندنا وعلومهم فقد رأينا وجربنا عشرات السنين
..ما تعلم أبنائينا إلا غثاء كغثاء السيل لا يسمن ولا يغني من جوع ..

سألت طالب من الأوائل خريج الثانوية العامة..هل حفظت القرآن وعلومه عن ظهر قلب
..هل رسخت عندك اللغة العربية وتستطيع كتابة مقال فقط ..هل تستطيع أن تطبق
كتاب العلوم في حياتك اليومية هل وهل وهل ؟!!
تدرون ماذا كانت الإجابة: دخلت المدرسة كبش والحمد لله تخرج ثور يأكل ويشرب
..كل ما قلته لي ليس لدي إي شئ منه غير الكتابة والقراءة الضعيفة!!!!

هذا جواب طالب من الأوائل في كل أنحاء اليمن وخاصة حضرموت فما بالك بالطالب
العادي الناجح …الذي طبعا الغش أصبح عندنا موضة لا يحيد ولا ينحرف عنها
الطالب قيد أنملة..وبمباركة من …..؟!!!
ناهيك عن الشهادات التي تباع على قارعة الطريق ..أي علم وأي تحضر وثقافة وصلنا
لها …

ويأتيك متنطع ومنافق ويقول وصلنا للأفضل ونتائج طلابنا بنسبة 99% ويعلن ذلك في
الراديو والتلفاز والصحف صدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال (( إذا لم تستح
فاصنع ما شئت)) أو كما قال عليه الصلاة والسلام..

غش وتزوير جهارا وعلنا .. وتكتشف الأختبارات قبل الموعد وتوزع بالواتساب
والفيس بوك وما خفي كان أعظم وأطم ؟!!!!!

لذلك لابد من ثورة علمية بدل الثورات التي تدمر وتسفك الدماء..الثورة العلمية
هي التي ستنقل الأوطان من الحضيض إلى المستوى الذي نطمح له ..

العلم سينقلك من الثرى إلى الثريا ..ومن البؤس والفقر إلى مستوى بلدان متحضرة
كاليابان وتركيا وسويسرا وماليزيا وغيرها ..بالعلم وحده لا بصراع المذاهب
والأحزاب والقبيلة.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى