اخبار دوعن / بقلم : سالم بجود باراس
جاءني صوت مزلزل مبتهج وسعيد ، هيا لنخرج لفرح مووول وهايبر ونمر ذلك المحل
لنشتري كل ما يلزم لشهر الفضيلة والكرم ..كانت هناك قائمة مخيفة مكتوبة ومرعبة
وفجاءة سالت دمعتي وأحسست بنغصة في فؤادي تذكرت قصص مخيفة حصلت في اليمن
ولازالت تحصل يوميا ..
تذكرت ذلك الأب الذي نزل للسوق برفقة ابنته وأراد بمئة ريال يمني بطاطس
لأولاده كعشاء لهم وطلب من البائع أن يسجله دين ولكن رفض فجاءت كلمة ابنته من
خلفه كالصاعقة :
( يا أبتي لا عليك سننام الليلة بدون عشاء ) ولكنه لم يعد يحتمل فمات بعد
لحظات من القهر وكيف أن راتبه تأخر أشهر وأصبح كالمتسول في الأسواق يبحث عن
لقمة يسد بها رمق أولاده ..
وذلك الرجل الذي ظل ينتظر راتبه شهر بعد شهر في البريد ويعده ويمنيه الشيطان
ومايعده إلا غرورا فسقط من القهر والذل ميتا مكانه وهو عقيد متقاعد ..
قصص تعتبر قطرة في مآسي وآلام هذا الشعب وكل الشعوب العربية مرورا بسوريا
والعراق وليبيا ..ونحن نستقبل رمضان بالبذخ والإسراف والسهر أي رمضان هذا الذي
نفخر به فوالله إنه رمضان محاسبون عليه ..رمضان ليس كرمضان القرون الماضية ..
بل رمضان السهر والمسلسلات نصلي صلاتنا كالسكارى أف لهذا الزمن نأكل فيه ونجتر
كالأبقار والأغنام وغيرنا يموت جوعا وقهرا ولا نحس بهم .
نستقبل رمضان وهناك قلوب جريحة ومكلومة..نستقبل رمضان وهناك بطون جائعة وأم
فقدت زوجها وابنها أي رمضان هذا إن لم نطعم هذه البطون ونمسح هذه الدموع ونضمد
هذه الجروح .
رمضان نستقبله كصنم يعبد فيه البطون وأصناف الطعام وأجمل المسلسلات وسهر
متواصل ثم نوم كالكلاب الضالة في أزقة الشوارع ..
رمضان نستقبله بلا روح بلا نفس ..سلام الله على رمضان أجدادنا وأسلافنا
الأوائل.
يضئ فانوسه أو شمعته ويقرأ في كتاب الله ما شآء الله ثم يصلي ما كتب له وتأتي
الساعة التاسعة وقد فرش فراشه ويقوم قبل الفجر نشيطا مبتهجا سعيدا منتظر صلاة
الفجر ثم يأكل سبع تمرات مع فنجان من القهوة ويخرج لعمله وهكذا دواليك يعيش
حياة بشر صحية لا يعرف تلفاز ولا واتساب ولا فيس بوك ولا سهر كالخفافيش ثم
ينام كالكلاب إلى صلاة الظهر وربما إلى صلاة العصر وقام ونقر صلاته كالديك ثم
نام مرة أخرى..
سلام الله على حياة الريف وزمن الأجداد وأسلافنا الأوائل..وأف لحياة المدنية
فهم أموات أحيا كأعجاز نخل خاوية لا روح فيها ولا حيوية أنهكهم السهر في رمضان
وغير رمضان ..هكذا هي حياة هذا الكوكب العصري الغريب العجيب .
