مقالات وكتابات رأي

يا راحلاً من مكة وطيبة

قلبي يحن لتلك البقاع الطاهرة ، مكثت فيها زهرة شباب عمري أمتعُ ناظري بمكة
وطيبة وكل شبرٍ وطئت فيها أقدام الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .
واليوم أنا راحلاً منها وقلبي يقطر دماً ودمع العين مدرارُ ، جار علينا الزمن
بما لا يخطر على البال .
تركت الأهل والخلان وفلذة الأكباد ، وعشت فيها ردحاً من الزمن حتى امتزج
هواءها بدمي ولحمي ، فكيف لي أودع بضعة مني ، كيف لي أودع تلك البقاع الطاهرة
ما بين عشية وضحاها ؟!!
سنعود للأوطان وأرواحنا هناك تحلق كالحمام حول الحرم ، كانت أصعب لحظات عمري
حين ارتقت قدمي مدرج المطار وخلفي مكة وطيبة أحسستُ بروحي تغادر جسدي ، رحلت
كجثة لا روح فيها ، وجفت دموع العين من المآقي ، فكيف لا أبكي ويبكي كل من كان
مثلي ؟!!!
سنرحل عنك يا طيبة رغماً عنا وما باليد حيلة ، رغم فرقة الأحباب والأوطان قلبي
لمكة وطيبة يحن كيف لا وهي أحب البقاع إلى الله ، كيف لا وهي بمثابة الروح
للجسد كيف لا وهي نبض الحياة لكل مسلم في كل بقاع العالم من مشرقه إلى مغربه
؟!!
سيظل حبك في قلوبنا دائم سرمدي ما دام الليل والنهار ، وسنذكرك كل لحظة وحين ،
كيف لا وأنتِ من كان يطعم كتاكيت فلذات كبدي فمن خيرك نبت لحمي وطر شاربي فكيف
أنساك يا مكة وطيبة ؟!!
الصدمة لم استوعبها في حياتي ، كيف لي أن أترك أمي خلف ظهري واتشبث بحبلٍ واهٍ
، وركلتُ بقدمي وجه أمي كل هذه السنين الطوال ما يقرب عن مئة عام أو يزيد ؟!!
ليتني سمعت نصيحتها وهي تقول لي : ( لابد لك من يوم تعود مكسور الجناح )
فعلاً يا أمي الآن استوعبت الدرس ولكن بعد فوات الأوان !!
فتبسمت أمي ( الوطن ) وهي تقول لي : ( بلاد الناس ما تدوم لك ، فإن دامت لك
يوم ، ما دامت لك العمر كله فهل استوعبت الدرس ) ؟!!!!

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى