زد رصيدك والدمع رقراق
كم أبكتني تلك القلوب الطيبة كم سال دمعي رقراق ،وأحسست بوخزات في فؤادي تدعوني لأبكي ليلي كله ، لماذا وما الذي هيج الدمع ؟!!! زد رصيدك هو الذي أبكاني ،أصدقاء تجمعوا بلا ميعاد ،تآلفوا وتحابوا وأصبحت قلوبهم كأفئدة الطير ،ضحكاتهم تعانق عنان السماء ،تسبح في عالم آخر ،ملئ بالحب والتكاتف والمحبة والتسامح ،قلوبهم على قلب رجل واحد ،أوجاعهم واحدة ،يشتركون في كل شئ ،والله ثم والله بكيت حتى كاد قلبي ينفطر …
قد يسأل أحدنا مالذي أبكاك في برنامج زد رصيدك ؟!!! أقول والجواب يدمي الفؤاد تباعد الأحبة وقسوة القلوب ، عن اليمين أخوة وأقارب وأصدقاء وكأنهم في كوكب آخر وجوه عابسة ،ونظرات مسمومة وقلوب مريضة ،يذهبون للصلاة بأجساد الثعالب والضباع ،ويقبلون عليك بأنياب الذئاب والأسود …
تمر الشهور والسنوات ولا تجد من يسأل عن قريبه وصلة رحمه ،ألا يحق للدموع أن تبكي دماً ،ألا يحق للعين أن تذرف الدموع ،زد رصيدك أبكاني جداً ،فتية تجمعوا في أقل من أسبوعين ،ثم يفترق أحدهم فتذرف الدموع ويبكي الجميع لفراقه ،مشهد يشاهده الملايين ليس تمثيلاً ولا مسرحية بل حقيقة يعلمها الجميع …
تبكي العيون لفراق الأخ والصديق ،تبكي القلب دم لأخ أكل وشرب وسامرهم وضاحكهم أيام قلائل ،لحظة فراق تبكي أشد القلوب قسوة ،موقف يشاهده الملاييين ،وعلى يقين بأنه أبكى الملاييين ،فتية جاءوا من كل بلد ومن كل الأجناس عرب وعجم ،وعندما تحان لحظات الفراق لأحدهم تنقلب تلك الوجوه الضاحكة إلى مأتم وحزن وحسرات…
ليس هناك موت ،بل هناك فراق يدمي القلوب لمن ألفوه وأحبوه ،هاهي الوجوه ترى الدمع رقراق على خديها ،وها هو الشهيق والنحيب يغطي المكان ،ما أحوجنا لتلك القلوب ياأمة محمد ،وما أحوجنا لذلك التعاطف والتسامح والألفة ،وما أبغضنا وكفرنا بمن فهم الإسلام ودخول الجنة ،ونيل حور العين ، بضغطة زر يفجر نفسه بين أمة تقول لا إله إلا الله …
وعن الشمال أقوام يلبسون لبس الزهد والتقى نعرفهم كما نعرف الليل والنهار قلوبهم أشد قسوة من الحجر ،وجوههم لا تراها إلا مكفهرة وعابسة، أي عالم نعيشه ،وأي فكر تشبعته هذه العقول ،الجنة الخضراء لمثل هؤلاء الفتية التي قلوبهم كاللبن ودموعهم تترجم محبتهم على أرض الواقع …
تقاطع وتحاسد وتباغض ،وتمر أشهر لا تجد من يسأل عن قريبه وصديقه ،وربما أخيه من لحمه ودمه ، عرفت لماذا ذرفت الدموع ؟!!!
فذلك بعض ما تبوح به النفس المكلومة الجريحة في هذا الزمان ،ومثلي عشرات الملاييين فهذا هو ورب العرش لسان حالهم …
فزد رصيدك والدمع رقراق **وأقسى لحظة هي ساعة الفراق
والأخ مابين النون والأحداق **ذاك مكانه حتماً والاشتياق
لأن الحال الذي نعيشه مرير وعلقم وسم ناجع ،لا نجد قلوب تعطف وتحن وتعطي ،لا نجد كلمة تكون كالبلسم والدواء الشافي ،لا نجد إبتسامة تثلج صدورنا ،نبحث عن حب وتعاطف، نسمع كل ذلك في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ولكن على أرض الواقع ورب الكعبة لا يوجد ؟!!!!
لن ولن أنكش الواقع الأليم ولكن زد رصيدك هيج البواكي وغصب عني سال دمعي بلا استئذان ،هذا حالنا ومآلنا اليوم نغوص في أحزان وآلام لا تنتهي ،فلا نجد من يضمد الجراح ولا نجد من يمسح الدمعة ،نذكر أخوتنا يكاد القلب ينخلع من مكانه ،نذكر أصدقائينا فتسيل الدموع دم وحرقة ،لأن كلاً من المذكورين لا أثر له حقيقة …
نعيش حياة الوحوش الكاسرة نجامل ونخادع ونصانع وتستمر عجلة الحياة ثقيلة بهمومها وأحزانها، نبتسم كالعادة إبتسامة الليث لمن نقابله ،وما أن نفترق حتى نعض الأنامل من الغيض ، ما نتعلمه من ديننا لا يطبق ربع العشر في حياتنا ، فالسر في القلوب ونقائها وحبها وتعاطفها وليس في حفظ قرآءن أو أحاديث فالمهم التطبيق والعمل وليس كالحمار يحمل أسفاراً…
وأخيراً زد رصيدك بمثل هؤلاء الفتية تكن الأخ والحبيب والصديق والرفيق،نريد أن نعود للنبع الصافي ،لتعاليم ديننا التي تحث على المحبة والتكاتف، نريد تطبيقاً عملياً في حياتنا اليومية لا نريد نفاقاً وتطبيل وتزييف للحقائق ، زد رصيدك هو النموذج الحي الذي يبحث عنه كل مسلم فمتى رأه حقيقة ماثلة أمام عينيه ،حينها فقط سنحقق الأخوة ،وتعاليم الإسلام الصحيح في حياتنا اليومية ،قولاً وعملاً،وليس شعارات جامدة لا نفس فيها، روح تسكن قلب جماد …
فزد رصيدك أبكى الملايين حتماً وكل من شاهد لحظات الفراق والوداع ، أيقن بأن في الأمة بقية خير وحب وتعاطف وتعاضد ،ومن لم يبك ذاك اليوم فنقول له : مكانك ليس بين البشر بل عند البهائم والوحوش ،وليس بين أمة محمد ،فزد رصيدك هذا ما نبحث عنه ونفتقده ،فهل من عودة لذاك الرعيل الأول كحب وتسامح وأخوة المهاجرين والأنصار؟!!!.