الأخبار اليمنية

وادي حجر المنسي تحت المجهر

هذا الوادي الجميل الذي يسلب العقل ويذهل الزوار ويحار الفكر في مناظره الخلابة ذات التضاريس الرائعة والنخيل الباسقة…
هل يعقل أن تجد هذا الوادي محروم من كل سبل الحياة الكريمة ؟!!
كم يؤسفني أنني وجدت أقلام نشاز كتبت عنه بعشوائية ويكاد يكون منسي من الدولة والكتاب والصحفيين فقلت أدلي بدلوي في جود بحره ومعروفه وسخائه الذي لا ينكره إلا جاهل بكرمه …
التسمية:
يسمى (حجر بن دغار ) أو. (حجر بن وهب ) نسبة إلى وهب بن ربيعة بن معاوية. وهو من ملوك كندة.
أو (حجر الحصين) أو  (وادي كندة ) ولكن غلب عليه اسم حجر بن دغار .
وسبب تسمية هذا الوادي بوادي حجر بن دغار فإن بني الدغار هم أمراء مدينة شبام وذلك مابين القرن السادس والسابع الهجري ويجمعهم نسب آل قحطان الحضارمة الأصل وقيل الحضارمة الحميريين…
وهم من كندة وكان آخر سلاطينهم راشد بن أحمد النعمان سنة 605 هجرية .
ودغار بن أحمد مذكور في شعر أبي إسحاق الهمداني في القرن الخامس الهجري والظاهر كما يرجح ابن عبيد الله السقاف في كتابه (إدام القوت في ذكر قبائل حضرموت ) أن حجرا اسم ابن دغار سمي الوادي باسمه لانه حاكمه في ذلك الزمان .
وقد ورد اسم حجر في نقش قديم يتحدث عن ( شمر يهرعش) ملك سبأ وريدان وحضرموت وأن. هذا الملك قد دخل وادي حجر فنهب وسلب أجزاء منه .
أما السيد علوي بن طاهر الحداد فقد ذكر في كتابه
(( الشامل في تاريخ حضرموت)) أن حجر كانت تسمى حجر حمير .
ونقل القاضي مسعود أن هذا الإسم يشترك فيه (حجر علوان ) وهو وادي باليمن والآخر. (حجر بن دغار ).
الموقع :
يعتبر وادي حجر إحدى أودية حضرموت الكبرى ويقع غرب مدينة المكلا ويمتد من الشمال إلى الجنوب ويبلغ طوله 200 كيلومترا. وتبلغ مساحته 10,000 كيلومترا مربع .
والوادي به نهر يجري طوال العام لوجود عيون تغذيه فهو وادي خصيب وزراعي .
أهم محاصيله الزراعية:
أهم محصول يفتخر به هذا الوادي هو التمر والذي يسمى باسمه (( تمر حجر )) وتوجد بالوادي ثلاثة مليون نخلة ..
فتمر حجر لا يضاهيه تمر باليمن على الإطلاق وله شعبية كاسحة ولا يخلو بيت من تمر حجر على مدار العام وهو صحي ومفيد وتستطيع  خلطه مع السمسم فيعطي الجسم قوة ومقاومة ويعتبر منجم الفيتامينات في الأرياف لعدم وجود كماليات الرفاهية فيها .
ومن المحاصيل الزراعية التي يزرعونها أيضا الذرة والحنطة والسمسم والحبحب وأشجار الليمون وغيرها.
ومن أعجب  ما سمعت عن تمر حجر!!!!
أن الغراب لا يقرب تمره ولا يمسه منذ أن تأسس هذا الوادي بمعنى محرم عليه وتجده يقف على النخلة ولا يستطيع أكله…
قيل أن سبب ذلك هو دعوة رجل صالح لهذا الوادي لأن من عادة أهل الوادي لا يمنعون عابر السبيل ولا الغريب ولا أي شخص كائنا ما كان من أكل التمر الذي يتساقط تحت النخيل لأنهم أهل كرم وجود وإحسان .
وقيل هي كرامة من الله لهم بسبب تعاطفهم وتراحمهم وإكرام الضيف وعابر السبيل.
وقيل أن أهل حمير في ذاك الزمان الغابر قاموا بعمل طلاسم وحروز على الجبال المقابلة للنخيل لمنع الغراب من أكل التمر وقيل غير ذلك.
سكان وادي حجر :
يسكن الوادي طوائف وأجناس كثر من فئات المجتمع وأهم ساكنيها على سبيل الذكر لا الحصر
(( السادة العلويين من آل البيتي _ وآل العطاس _ وآل الشاطري _ وآل باراس_ وآل العمودي _ وآل مزاحم _ وآل بادبيان_ وآل باحسن_ وآل بافقاس_ وآل بامسعود_ وآل بارجاش_ وآل باقروان_ وآل بامساطر_ وغيرهم ))
وأغلب سكان مديرية حجر من قبائل نوح وهي من سيبان…
ومن أهم مميزات هذا الوادي أنه لايوجد فيها تمييز عنصري  فالشيخ والسيد والضعيف كلهم جسد واحد وروح واحدة وكذلك لايوجد تمييز مذهبي وهذا ما جعلهم قوة متماسكة كأنهم أسره واحدة.
أهم قرى هذا الوادي :
فمن أهم قرى هذا الوادي الخصيب (( كنينة_ محمدة_ ميفع_ حجر _ الحصين _ القارة _ الجول _ حوطة الفقيه علي _ يون _ قشن_ يبعث _ مشاط_ قارة باربيد_ مدهون_  باقشيم_ الصدارة علما أن الصدارة يوجد بها كما قيل مية عين جارية)) .
ماذا قيل عن هذا الوادي ؟!!
هناك الكثير من الشهادات من كبار الشخصيات العالمية والمحلية وسنأخذ عينة فقط لضيق الحيز …
فقد قال المؤرخون عن أهلها وصفا يليق بهم وبتاريخهم التليد قالوا عنهم : هم
( الذئاب الحمر بحضرموت ) ووصفهم المؤرخ البريطاني فورد كير بأن سكان حجر : هم ( أسود كاسرة) نظرا لشجاعة أبنائها وشيمتهم والقيم والمبادئ التي يتصفون بها والكرم وحسن الضيافة ولقد تناقلوها جيلا بعد جيل وكابرا بعد كابر إلى يومنا هذا .
فحجر تعتبر مهوى قلوب الثوار أثناء تحرير الجنوب من قبضة الإحتلال البريطاني  وتذكر المراجع وكتب التاريخ أن الرئيس السابق علي سالم البيض تحصن بها في عام (1966_1967 م) أثناء مرحلة الكفاح المسلح ولقد نالت أفضل وسام وشرف وتقدير بعد الإستقلال عام 1967 م فقد سميت المديرية باسم (( مديرية الثورة)) وذلك تقديرا لتضحيات أبنائها الجسيمة في تلك الفترة.
فعذرا لقلمي إذا سها عن ذكر هذا الوادي الخصيب وعذرا لكلماتي أن تجاوزت مزايا وصفات هذا الوادي المنسي فما أنا إلا زائر أو عابر سبيل آلمني ذلك الجمال الساحر بهذا الوادي…
وهذا الكنز المحيط بأهلها  وهم يعيشون عيش الكفاف فلا خدمات تصلهم ولا ذكر ينصفهم عاشوا كالذئاب الجبلية تحفر مجدها وتاريخها بنفسها …
هذا الوادي لو يجد نوايا صادقة من الدولة أو التجار والمستثمرين لتحول إلى جنة تهوي إليها محبي السياحة والراحة والاستجمام.
فما ذكرته يعتبر فيض من غيض ونقطة في بحر من جود وإحسان هذا الوادي .

اظهر المزيد

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى