يا وادي البانِ قد هيَّجت أشجاني
*يا وادي البانِ قد هيَّجت أشجاني*
أخبار دوعن / مقال لـ د.عبدالله أحمد قنيوي
يحقٌّ لبلدة فيل أن تفتخرَ وهي تزدهي ليلة الثالث عشر من شهر ذي الحجة بتخرُّج عشرة حفاظ لكتاب الله؛ على مستوى عالٍ من الإجادة والإتقان. لقد أثلجت التلاوات العطرة التي سمعناها من حملةِ كتاب الله صدورنا، وهي تنساب عذبة رقراقة كالماءِ الزلال فتروي ظماء قلوبنا، وترتقي بأرواحنا إلى دوحة القرآن الورافة.
لقد سطر أهل هذه البلدة الطيبون أجمل قصص النجاح حين بذلوا جهوداً مضنية وعلى مدى خمس سنواتٍ في إعداد كوكبة من الشباب يستدرجون كتاب الله في صدورهم. ويتقنون تلاوته كأحسن مايكون. وكان الجميع شركاء في هذا النجاح، قد توحدت جهودهم، وتصافحت قلوبهم، وتعاضدت أياديهم لخدمة كتاب الله، وإجلال حملته. فكان الثمار غراساً طيباً.
كان البرنامج القرآني (بقراننا نرتقي) يمضي على خطط مدروسة، ويشرف عليه كوكبة من المشرفين والأساتذة الأكفاء من مدرسة عبدالله بن مسعود لتحفيظ القرآن الكريم بفيل، ويوماً بعد يومٍ ينمو الغراس حتى غدا أصله ثابتا وفرعه في السماء يؤتي خيراته وبركاته وينشر أفياء ظلاله كل حين بإذن ربه.
تتلخص فكرة البرنامج في تكثيف حفظ ومراجعة القرآن الكريم للطلاب، واختيار معلمين ذوي كفاءة لتصحيح التلاوة، مع استمرار المتابعة الدائمة للطالب في البيت والمدرسة والمسجد، والاستعانة بالتقنية الحديثة للإفادة منها في تصحيح القراءة وبيان الأحكام، وتصحيح مخارج الحروف، مع الاهتمام بالنشء منذ الطفولة بحيث تستقيم اللسان، وكانت المحفزات المادية والمعنوية والإصرار والمثابرة، وقبل ذلك الاستعانة بالله هي كلمة سر نجاح هذا البرنامج في أبهى صورة.
إنَّ نجاح تجربة برنامج (بقراننا نرتقي) يبعث في النفوس الأمل، ويفتح فرصة نقل التجربة إلى مناطق، لإنجازٍ نسخ منها على جودة عالية من الحفظ والإتقان للقرآن في زمن نشتكي فيه من انهيار منظومة التعليم، وعدم الإقبال على حفظ كتاب الله، وكثرة الملهيات التي تحيد بشبابنا على رياض القرآن.
لقد أهدت لنا بلدة فيل كوكبة من الشباب الحافظين المتقنين المخبتين، ودوَّنت في سجل التاريخ صفحة تزهو بها الأجيال، وينساب خيرها نميراً يرتشف منه أهلها وجيرانها ومحبوها على مدى سنواتٍ وسنواتٍ.