مقالات وكتابات رأي

نكتة الإغاثة!

بقلم/عبدالله فيصل باصريح

 

 

اخبار دوعن / بقلم: عبدالله فيصل باصريح

 

يحكى أن إحدى منظمات الإغاثة الغذائية مرّت بمنطقة في ريف اليمن للقيام بواجبهم بتقديم الغذاء الأساسي لهم، وبعد أن وصلوا رحب بهم سكان المنطقة، وقام أحد بدو الريف بواجب الضيافة لهم، فقام بإدخالهم إلى المجلس وطلب منهم الجلوس، وبعد قليل أرادوا المغادرة، تغير وجه البدوي اليمني، وحلف يميناً بعدم المغادرة وأن وجبة الغداء جاهزة ولن يسمح لهم بالمغادرة ودخل عليهم برأس الكبش الذي قام بذبحه لهم. جلسوا وتناولوا الغداء مع بعضهم، وشرحوا له أنهم يوزعون إغاثة للشعب اليمني وأنهم مرسولين من دول المساعدات، ثم قدموا له إغاثته عبارة عن كيس رز صغير ودبه زيت صغيرة. وغادروا القرية وبينما هم في السيارة دار بينهم حديث قال أحدهم للآخر: لماذا لم تقوم بتصويره لكي توثق الدعم الذي قدمناه له؟ رد عليه قائلاً: من المفترض أن يقوم هو بتصويرنا مع رأس الكبش لتوثيق الكرم اليمني.

النكتة قد تكون كلام أو حدث غريب يثير الاستهزاء أو الضحك، وما حصل في هذه الحكاية الشعبية مضحك جداً، يجلعنا نضحك ونحن نردد من يقدم الإغاثة لمن! قدموا له الفتات بإسم الإغاثة فاخجلهم بالكرم، عزت النفس لا تغيرها الظروف. الحرب والفقر ليس عذر لإذلال الشعوب. صحيح إن هناك شعوب تحتاج إلى المساعدات ولكنها لا تحتاج لتصوير والتشهير، الصدقات لا تنقص بدون تصوير، ولكن تزيد بدون تصوير، والتصوير ليس من متطلبات الإغاثة أصلا. ما نشاهده اليوم إن أعمال الخير أصبحت الترند في مواقع التواصل الإجتماعي، ونجد الكثير يتسابقون في تضخيم أعمال الخير إعلاميا، مع أن هناك مساعدات بسيطة جداً لا ترقى لمستوى الضجة الإعلامية التي تقوم بها بعض الدول المساعدة. وديننا الإسلامي لم يغفل عن هذا الأمر فقد أخبرنا بأن أيادي الخير الخفية خير عند الله من الأيادي التي لا تتصدق إلا أمام الكاميرات؛ لأن التشهير بالمحتاج يقتل الواجب الإنساني، ويتحول ذلك إلى واجب الشهرة، وطلب المدح والثناء، وليس فعل الخير والإحسان لأخيك المسلم. الدول التي تقدم مساعدات للشعوب الفقيرة وتقوم بالتصوير ليس هدفها إلا قتل الكرامة، وأن تجعل تلك الشعوب عالة على العالم، وتصبح تلك الشعوب تحترف مهنة التسول، وكل الإعتماد على الإعانات.

زر الذهاب إلى الأعلى