أخبار حضرموت

“حكيم البادية “علي سعيد السومحي سراج انطفى !!

بقلم / سالم بجود باراس
ماذا عسى أن يكتب قلمي عن طود شامخ وعن حكيم طالما كنت أتردد على عتبات بابه فيغمرني بكرمه وسخائه وجميل كلماته…
“حكيم البادية ” الشاعر المخضرم “علي سعيد السومحي” المولود بقرية بريرة / أرياف مديرية دوعن عام 1928 م الذي وافته المنية يوم الخميس 29/9/2016 ودفن في مسقط رأسه قرية بريرة …
انطفى سراج وحكيم من حكماء حضرموت فحق للعيون أن تبكيه وللقوافي أن ترثيه وللأقلام أن تسطر مناقبه, فلن ولن نحيط بجواهر أشعاره ، فلشعره سلاسة ورونق يخطف القلوب لجمال معانيه وطراوة كلماته، اسميته “حكيم البادية ” في كل كتاباتي وهو كذلك ، بل هذا لقب أستحقه بجدارة لا منازع عليها …
عاشر شاعرنا فحول الشعراء المشهورين، وهم كثر لا نحيط بهم عددا، ولكن على سبيل الذكر لا الحصر : الشاعر حسن بن الصقع-  الشاعر حسن برجف _ الشاعر أبن يسلم السومحي – الشاعر سالم سعيد باصرة- الشاعر حسين المحضار – الشاعر الكبير يسلم باقص وغيرهم الكثير ..
يعتبر هذا الحكيم قاموس في التراث الشعبي، والمفردات والحكم ، فكل قصيدة يقولها تتناقلها الألسن ، وتسير بها الركبان، وتنتشر إنتشار النار في الهشيم …
نأخذ ومضات سريعة وخاطفة ، نقتطف من بعض أشعاره قناديل ومصابيح تضئ للأجيال طريق المستقبل المشرق، وتظل كلماته شاهدة على “حكيم البادية ” .
هذه رسائل عاجلة لهذا الشاعر الذي ابكته كل العيون التي تعرفه وتعرف جواهر شعره، وعذب كلماته وجميل معانيه ومفرداته ..
رسالة للطالب ليكمل العلم:
وإن باتنقش في النظر لا بأس &&&
عادك درس لا تقول زامي راح &&&
والجهل هدام البناء والساس &&&
والعلم نور الدرب والمصباح &&&
هكذا هو شاعرنا لا يترك مناسبة إلا وبث نصائحه لكل قضية اجتماعية أو مصيرية أو ماينفع الإنسان دنيا وآخره…
فها هو يشجع على العلم ويحث عليه فلله درءك من شاعر وحكيم…
عبرة ونهاية الإنسان:
يازامل إزمل كل حي بايموت&&&
وكلين قسمه في المشك مطروح&&&
ذا إلا الخواطر ذي تحك في القوت &&&
با تقع سهالة يا سفينة نوح &&&
عينه على الدنيا وأخرى على الآخرة، والموت أمامه يتذكره ويعد له حسابه ، يقول: إزملوا -وهي زوامل معروفه – إزملوا افعلوا ما تشاءون ولكن تذكروا الموت فهو يخطف البسمة من الشفاه ، ويسرق النوم من العين ، وينشل الروح من الجسد ، انه هاذم اللذات ومفرق الجماعات…
وقال أيضا:
يا ابن آدم حسب مخرجك من قبل تدخل &&&
قبل تدخل حسب مكسب معك أو خسارة &&&
عامل الناس بالحسنى وفيهم تجمل &&&
اتق الله في الدنيا وخل الشطارة &&&
فيه ميزان يوم الحشر يطلع وينزل &&&
ما يفيد الولد في الآخرة والتجارة &&&
هذا الشاعر كأنه نسخة من الشاعر الجاهلي جرير ، أو أبو العلاء المعري ، لسانه يسيل ذهبا ، ولؤلؤا منثورا ، فلا حكماء الصين ، ولا حكماء الإغريق عنده إلا تلاميذ، لجواهر قوله وعذب كلماته ، وحكمة أشعاره …
صفات نادرة:
من رجمني برجمه جاءت مني وثم &&&
ما صابني لو ضربني ضرب بين العيون&&&
جسمي محصن حصانة من سطور الختم &&&
لا شرب سجارة ولا خزن وقرصي كزم &&&
قرص المزاجي وراه العافية والسكون &&&
والناس حد منهم معدن وحد بنك دم &&&
يرحم رجاجيل ذي بالدم يتبرعون &&&
لله درءك ياحكيم يقول : من رجمني برجمه” بحجرة” جاءت مني وثم ” أي تخطتني” حتى ولو صابتني هذه الرجمة ويقصد هناك الكلام السئ والقبيح فلن ولن أرد لأنه ليس من طبعي ولا شيمتي ، هكذا هو شاعرنا ليس قولا بل فعلا وواقع ملموس نعرفه ويعرفه الجميع ممن عاشروه وسمعوا عنه …
فالكلام يطول ولن نغرف من بحر قوافيه إلا كمن غرف بكفيه غرفة ثم ذهب ، فمن يحيط بقوافيه وجميل شعره فلقد عشت معه أكثر من عشرون عاما ، وأنا كالباحث عن إبرة وسط جبل ، فما ذكرته وما كتبت عنه في كتابي “أشعار المقدم بانهيم وشعراء آخرون ” إلا النزر اليسير وهذا غيض من فيض ستظل أشعاره نبراس تضئ الطريق لكل تائه وناسي ، لقد وعدت نفسي والقارئ، وكل شغوف ومحب للتراث الشعبي ، أن أبث كنوز هؤلاء الشعراء الشعبيين والحكماء ،ليعرف كل غيور في حضرموت ، أننا نملك ثروة وكنز مدفون ، آن له الأوان أن يسطع بنوره ، فرحم الله شاعرنا وحكيمنا الشاعر “علي سعيد السومحي “.

اترك رد

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

زر الذهاب إلى الأعلى