تلهو بنا الحياة
يحكم القبض على مقود السيارة وهو ينحي بها يساراً إلى فرجة في بهو خالي
من عشب أخضر خصص للمركبات في مستشفى الجمهورية
يدوس على فرامل السيارة فتقف بصورة فزعة وغريبة وعجلة غير انه لا فم لها لتعتذر
ترجل من السيارة واستدار إلى المقعد الآخر ومن نافذتها استلا طفلاً لم
يبلغ شهره الأول.
وهرول إلى بوابة المشفى، حاول إيقافه حراسة البوابة غير أنهم تنازلوا عن
حقهم الذي لا يعرفوا إلا به وسؤالهم كل والج إلى أين ؟غير أن المشفى لا
تضم ملهى ليلي!؟
وتركوه تحت ذريعة الشفقة على الطفل الذي يملى حضن قلبه.
وإلى غرفة الطوارئ وعلى سرير دثر بخرقة خضراء فاترة من كثر استعمالها وضع
عليها الطفل.
أطلقت أوتاره الصوتية نداءات مصحوبة بحشرجة وخوف ،
الطفلا يعاني من صعوبة تنفس أرجوكم أنقذوه …
الغرفة البيضاء تحتجز أربعة أسرة
أحد الأسرة مثلث أرضُ لكهلٍ فر إلى غرفة المشفى تذرعا من ارتفاع الضغط
وهو ما أنكره جهاز الفحص ، واستطال في وده ولهجته البدوية، وترنح الحرف
ثملاً من طرف إلى طرف في مغازلة ممرضته الشابة التي شرخت العشرين وبدت
نبتت أشجار الشوق في حواف قلبها.
فيما السرير الأخر تنتصب أمامه وبإبهامها ترفع جفنه وهو مغمي عليه جراء
حادث على الخط البحري أوتي به إلى هنا وهي تأملُ أن يفتح عينيه
العسليتين فيما بقية أصابعها مطمئنة على وجنته .
السرير ثالث لا يبعد كثيراً عن ثانيه إلا بما فيه ففيه ثلاثينية تنادم
يافعاً في لطف وهدوء وغنج وهي تستشيره باختيار ربطة عنق احدهم بالون
الزهري وأخرى باللون العنابي تدعي حيرتها في اختيار أحداهما لعيد ميلادها
العشرين.
ومع كل ذلك لم يهرع سوا خمسينية إلى صراخ حامل الطفل وبينما هي تقلبه
خاطبها بحزن ظاهر ووداعا مطمر، هاك الطفل سوف أعود، سأحضر بعض أغراضه من سيارتي.
وهرول عائداً أدراجه وبذات الطريقة التي ولج بها خرج
انتصب أمام باب السيارة وقبل أن يفتح باب سيارته رن هاتفه الخلوي
– الو بلال
– نعم سيناء
– هل نجحت الفكرة
– نعم نعم نجحت لا تشغيلنا سوف أهرب الآن
– قهقهت سيناء
– سيناء أخاف أن أنكشف يجب أن تتركينا الآن
– لا تخف لن يتركوه
– أخاف أن يتعرف عليا حراس المشفى
– لا تخاف لن يتكرر خطأ المرة الماضية
– سيناء سوف أغلق
نظر شزراً إلى مبنى المشفى وقال ولدي استودعتك الله
وركب سيارته وعاد أدراجه إلى إحدى المحافظات القريبة من عدن .
وفي منحنى الشارع استوقفه شحاذاً لم يجز العاشرة بثياب رثة أبتي أبتي
امنحني بعض مما جاد الله عليك..
أطل من زجاج النافذة :
يا فتى لم أتزوج بعد ولكني نذرت ألا أتجاهل شحاذاً فلربما فيه بعضي؟!