حتى أنت يابروتس
حتى أنت يابروتس
اخبار دوعن / مقال لـ محمد محفوظ باطاهر
بينما جوليوس قيصر الروم يستعد لعقد اجتماع بكبار المسؤولين- الذين أجمعوا على قرار تصفيته – إذ انهالت عليه كل السيوف بالطعنات،
لكن قيصر مازال واقفاً يأبى السقوط، حتى رأى صديقه بروتوس – الذي دائماً ما يتغنى بصداقته – فمشى نحوه وهو متخبط بدمائه واثقاً من خلاصه،
وضع يده على كتفه ينتظر منه العون، لكنه هو الآخر طعنه في قلبه، فمتنع قيصر عن أي مقاومه،
ونظر في وجه صديقه وقال :حتى أنت يابروتوس، إذاً فاليمت قيصر!
بعيداً عن سرقة روايات الآخرين ولأكن صادقاً، بأن هذه القصة من أحد الروايات ، والقصص والروايات كالأمثال نأخذ منها العِبر..
بالعودة للرواية آنفة الذكر..
الإنسان هو هو في كل عصر وفي أي قطر، ذا عظم ولحم وشحم ودم، لا يعتبر من أول موقف ولا من أول اختبار.
كم هو مؤلم أن يطعنك من ظننته جهلاً يوماً ما أنه صاحبك، كم هي قاتلة هذه الطعنة وإن لم تُحدِث دماً ..
مخطئ من يظن أن الإسراف يقتصر على المال والطعام فقط،
مخطئ كثيراً من يظن ذلك..
دعني أخبرك أنك تُسرف يومياً دون أن تعلم،
نعم تسرف..
تُسرف في استهلاك مفردات الصداقة لمن ليس كُفؤ لها، فلا تأتيني تشكو لي طعنات صاحبك، لأن الأصحاب قطعاً لا يطعنون..
تُكلِّف كثيراً عندما تُطلق كلمة صاحبي لكل من هبّ ودب، فتكتشف بعدها أن أصحابك ماهم إلا كومة من القش، احترقت في أبسط المواقف، لأننا نركّز على الكَم وليس الكَيف، ولم تكن لدينا معايير واضحة المعالم في الاختيار.
يقول حسّان بن ثابت:
أَخِـلاَّءُ الـرِّجَـالِ هُـمْ كَثِيـرٌ
وَلَكِـنْ فِـي البَـلاَءِ هُـمْ قَلِيـلُ
فَـلاَ تَغْـرُرْكَ خُلَّـةُ مَنْ تُؤَاخِـي
فَمَـا لَكَ عِنْـدَ نَـائِبَـةٍ خَلِيـلُ
وَكُـلُّ أَخٍ يَقُــولُ أَنَـا وَفِـيٌّ
وَلَكِـنْ لَيْـسَ يَفْعَـلُ مَا يَقُـولُ
سِـوَى خِلٍّ لَهُ حَسَـبٌ وَدِيـنٌ
فَذَاكَ لِمَـا يَقُـولُ هُوَ الفَعُـولُ
وقد قيل : أكثر معارفك، وقلل أصدقائك
و قيل : لا تفتخر بأن لديك أصدقاء بعدد شعر رأسك، لتكتشف بعدها أنك أصلع.
قد قيل لكننا لاننتصح ولا نقرأ ولا نستمع..