حج بلا حجاج…!
حج بلا حجاج…!
بقلم : عبدالله فيصل باصريح
الحج هذا العام غير كل عام، الحج هذا العام يملؤه الخوف، الحج هذا العام يمنعه الحذر، ليس من عدو حاضر ماثل أمام الأعين، إذن لقاتلناه، ونازلناه، وجاهدناه، وليس لنقص في الاعدادات أو الامدادات، فحكومة المملكة لم تقصر جهداً في تهيئة المشاعر للطائفين والعاكفين والركع السجود. يمنع الناس من الحج مخلوق لا تراه أعينوهم، يهدد حياتهم، ويصيب أجسادهم بالعلل، ويخنق أنفاسهم، عطل أعمالهم، وأوقفهم على قدم واحدة نذيراً وبشيراً، ينذر من غفل، ويبشر من عقل، يفصح بفعله عن قدرة خارقة لرب عظيم، يدير الكون، ويدبره، يذكر الناس بقوته عبر مخلوقاته الضعيفة.
فيروس كورونا الذي شل حركة العالم، فقد أغلق المساجد، لكن نحن الآن في أيام تتفتح فيها القلوب، انها ربيع القلوب، إنها العشر الأولى من ذي الحجة، الأيام التي تتلهف لها قلوب جميع المسلمين، انها الأيام التي فيها قال الله تعالى{ وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلٰى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } سورة الحج٢٧، لكن لم يخطر في البال مطلقاً أن يحال بين المسلمين جميعاً، غنيهم وفقيرهم، ومريضهم وصحيحهم، وأن لا يلبوا النداء الخالد من خليل الرحمن عليه السلام، كيف ستكون مشاعر المشتاقين، وكيف سيعانون ألم الحرمان، قلوبهم يقتلها الحنين إلى بيت الله الحرام، والسنتهم تلهج بالتكبير، وأيديهم تتفطر شوقاً إلى التشبث بستار الكعبة، ماذا فعلت ايه الفيروس، لقد ألمت قلوب المشتاقين، وقهرت المتلهفين للقاء، وقد احدثت غصة في قلب كل من شد رحاله جاهزاً للحج هذا العام، لكن أمر قدره الله أن يكون، ربما لذنباً أقترفناه، وربما عندما اختلطت الدموع يريد الله أن يفضح من بكاء ممن تباكى، اللهم أجبر قلوبنا بعد فراق بيتك الكريم، اللهم ردنا إليك رداً جميلا.