مقالات وكتابات رأي

فسائلكم.. فسائلكم

*فسائلكم.. فسائلكم*




اخبار دوعن / كتب / محمد باطاهر




أقف دوماً حائراً كلما مررتُ بحديث رسول الله عن الفسيلة
(إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)
فالوقت ليس وقت زرع، ووقت الحصاد ليس محل اهتمام حينها.
الكل مشغول في تلك الساعات من الزمن، فمن يتفرغ للغرس.
ولكني بت الآن أفهمه بأنه درسٌ بليغ في التفائل وترك اليأس،
حثٌ على اكمال عمل الخير حتى وإن بدت عواصف اليأس والتطاير تدب في النفوس.

كعادة هذا الدين
يربي أتباعه على الخير في جميع أمورهم في العسر قبل اليسر،
في الشدة قبل الرخاء،
يربيهم على عدم الاهتمام بالنتائج بقدر ما يكون السير نحو النتيجة سليماً.

ولأن أفضل غِراس للإنسان هو غرس القيم النبيلة والمعاني القيِّمة في النفس.
لذا فهو حثٌ على غرس فسائل الخير في نفوس أرهقتها عِلل الجهالية في صورتها الحديثة في وقت عصيب كهذا.

وإن غرس اليوم لهو أشرس المعارك التي يخوضها المصلحين كل يوم تطلع فيه الشمس وتغيب،
الجهدُ أصبح مضاعفاً والشر وأهله يتربصون بهم، الدنيا كل يوم تعرض نفسها في أجمل حِلّها فتقول هيت لكم لتشغلهم عن غراسهم ، فيقولون معاذ الله ويواصلوا غرسهم.

وكأن المصائب لا تأتي فرادا،
وكأن الدنيا وحدها لا تكفي في منازعة المصلحين ليواصلوا غرسهم فالبشر أيضاً يقاسمون الدنيا بنصيب وافر،
وكعادة بني البشر في كل زمان الخير ينازعه الشر، ألا وإن المتربصين بأهل الخير والبر والإحسان كُثر ،
فكم من شرار النفوس نافخي الكِير حارقي ثياب العفة والفضيلة يريدون للخَبث أن يَكثر،
فغراسكم هو الخير الذي لا يزال يحفظ الأرض من الهلاك، وغراسكم هدفهم.

أيها الغارسون الذين يعيشون حياتهم للإسلام، الذين يفهمون أن الحياة في سبيل الله كالموت في سبيله كلاهما جهاد.
أيها الغارسون إنكم تقِفون على أوسع الثغور وأكثرها،
ولأن الجُهد كبير المسؤولية عظيمة والله من اسمه العدل فأبشروا بعدله.
أيها الغارسون للخير كثِّروا ما استطعتم من غراسكم فالشر إلى قيامة الساعة.
غراسكم.. غراسكم
فسائلكم.. فسائلكم

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى