لإنك تناقش الحمار!
لإنك تناقش الحمار!
اخبار دوعن / بقلم: عبدالله فيصل باصريح
يحكى أنه أختلف قردًا مع حمار على لون العشب، القرد يقول إنه أخضر، بينما يصر الحمار على أنه أزرق، وبعد شجار عنيف، ومعركة ضارية تسببت بجروح بينهما، بعدها لجأوا إلى الأسد، الذي حكم ببراءة الحمار، وعاقب القرد بنفيه من الغابة سنة كاملة، وقال له قبل رحيله كلنا نعلم أيها القرد العنيد أن لون العشب أخضر، لكنني أعاقبك لإنك تناقش الحمار!
ويقال في هذه اللحظة بالذات لا تناقش الأحمق فلا يستطيع الناس التفريق بينكما، وهل يتعجب الناس من مناقشتك للأحمق، أو من حماقة الأحمق. ولأن الحمار رمزًا للحماقة، فكان الجزاء للقرد الذي لم يجد إلا الحمار ليختلف معه، ولأن الطرفان تحاكما عند ملك الغابة فكانت مهمة الأسد أن لا يظلم أحد، فستحق القرد العنيد العقاب، وبالإضافة لعقاب الأسد الذي تحمله، فقد دفع ضريبة الاختلاف مع الحمار مبكرًا في معركة انتهت بجروح، وكأن الحمار يريد أن يتفرد بقراره عن القرد حتى وإن كان على خطأ، والفرد كان عنيدًا بما يكفي حتى أنه تحمل الجروح في سبيل أن يثبت للحمار أن العشب لونه أخضر، بينما ما كان يهم الحمار أن يجعل لون العشب أزرق، ورغم حماقة الحمار إلا أنه طلب التحكيم عند ملك الغابة. ولكنا الأسد تعجب من القرد العنيد، ولم يتعجب من حماقة الحمار.
وما هذه الحكاية إلا مشهدًا من المشاهد التي نعيشها في أيامنا، وهناك الكثير منا من يرى العشب الأخضر أزرق، وهناك الكثير منا من يرى العشب أخضر كما هو، والحكايات بعموم الفائدة لا بخصوص اللفظ. حواراتنا لا تخلوا من التعصب لفكرتنا، والتمسك برأينا وبقوة العضلات أحياناً، صحيح أن هناك أمور تكون فيها اختلافات، ولكن هناك أمور لا ينتطح عليها عنزان، وليس من الضروري أن تكون معارضًا، هناك أمور يكون فيها ابدى الرأي أو الفكرة متاح هنا يجب عليك أن تتمسك برأيك وفكرتك، ولكن هناك أمور ليس فيها مجال لابدى الرأي فيها، وليس من حقك مخالفت القطيع، ومثال على ذلك طول إرتفاع البيوت هنا سيتفق الجميع على الطول بعد القياس، بينما عن جمال البيوت هنا الاختلاف متاح لأن الناس أذواق.