لا للغش…كفاكم هدم للطلاب
إمتحانات طلاب الثانوية العامة إنطلقت..
مع حقيقة مخيفة بأننا لم نعد نشعر بأن لدى الكثير من الطلبة أدنى إهتمام بذلك..
حتى إننا لا نشعر بأنهم يذاكرون دروسهم كما كنا نشعر بهم في السنين التي خلت و هم يفترشون الشوارع يستذكرون الدروس تحت إضاءات أحد أعمدة النور!
حتى البراشيم أختفت و أختفى أولئك الطلبة المتخصصون في إعداد البراشيم التي يبرع الطالب الغشاش في إبتكار طرق اخفائها تحت أكمام قميصه ثم يبرزها كلاعب خفيف الحركة في اللحظة المناسبة..
و أختفى أيضاً أولئك الذين يسهرون الليالي يكتبونها على راحة أيديهم و على ذراعهم..
أختفوا جميعهم لأنه لم يعد هناك حاجة في إخفاء كل هذه السؤاءت فعملية الغش أصبحت متاحة و مجاهر بها امام الأستاذ و امام اللجنة بل و امام اولياء الأمور!
و أصبح الكثير من الطلبة يجاهر بجهله و يتفاخر بغبائه..
فلم التعب و السهر على كتابة البراشيم في زمن صار فيه الغش بطريقة مباشرة من الكتاب المفتوح..
اما الطالب المثابر، الذي تربى تربية حسنة، و ما أقل عدد هولاء، و الذي لايريد الغش أصبح عرضه للسخرية و للأذى النفسي من قبل زملائه..
حتى اثناء سير الإمتحانات يتشتت فكرياً لا يستطيع التركيز في خضم هذه الفوضى الذي يحدثها زملاؤه الذين يتجمعون حول الكتب للغش، و كإنهم يتناولون وجبة إفطار جماعية..كل ذلك يتم امام أعين الأستاذ المراقب و بمباركته!
مؤلم….
كيف يمكن للأستاذ أن يتحول من مربي فاضل حمل على عاتقه أمانة تربية جيل ليربيه تربية حسنة، إلى رجل غير فاضل! فعوضاً عن تأدية واجبه و قيامه بالتشديد في مراقبة الطلاب و منعهم من الغش يتحول إلى جاسوس يعمل معهم في إرتكاب جريمة الغش..
يراقب لهم خلو الممرات للتأكد من عدم قدوم دخيل يفسد عليهم ما يقترفوه..
عجباً..
كيف يقدم مربي يفترض ان يكون فاضلاً على إرتكاب جريمة بهذا الحجم؟!
يخون أمانته،
يفسد ابنائه،
يضر بمدينته،
و يخالف دينه..
بعمل لا يرضي الله و لا رسوله؟!
كيف لذلك الرجل ان يتعايش مع ضميره و مع نفسه إن كان يمتلك الضمير؟!
أعرف من الأساتذة رجالا و نساء ممن رفضوا الإستمرار في مراقبة الإمتحانات..
لأنهم أدركوا بأن قيامهم بواجبهم على أكمل وجه و تشديد الرقابة على الطلاب اثناء تأدية الإمتحانات، سيسبب لهم مشاكل تفوق قدرتهم على التصدي لها..
و حين تم الطلب منهم ان يسمحوا للطلاب بالغش،
رفضوا،
فكانت النتيجة صادمة..
دفعوا و أجبروا على تقديم طلب يعفيهم من الإستمرار في المراقبة!
لا حول و لا قوة الا بالله!
مدرسون لا يكتفون في إفساد الأجيال بأنفسهم بل و يضغطون على زملائهم ليعينوهم على إفساد الجيل و إرتكاب الجريمة بحق المجتمع!
و الأمر المر و الشديد المرارة..
أن يحضر اولياء أمور بعض هولاء الطلاب مدججون ب أسلحتهم لتهديد إدارات المدارس التي ترفض السماح بظاهرة الغش مطالبينهم بالتساهل تحت تهديد السلاح!
كيف ل أب او أخ او حتى صديق ان يتحول الى عدو يدمر و يهدم فكر قريبه الطالب و يساعده على خراب قدراته التعليمية؟!
لقد تعشمنا بعد دحر مليشيات المخلوع خيرا..
و إملنا في إستعادة ترميم حياتنا و إصلاحها شئيا فشيئاً،
و انتظرنا البدء الجاد في استئصال الفساد المتمثل ب الرشاوى و المحسوبية و التعليم و السوق السوداء و التلاعب بالأسعار و حماية المستهلك كل ذلك لإستعادة كرامة المواطن و ثقافته و تطوير قدراته..
و لكننا حتى الان نقف كالمشلول العاجز لا نستطيع التخلص من تركة نظام الفساد المستشري كالسرطان في كل مناحي حياتنا…
فهل من استفاقة؟!
و هل من صحوة؟!
و هل من تصدي جاد لهذه المعاول التي لازالت تضرب و تمزق مجتمعنا..
تريد لنا أن نغرق في مستنقع إفساد اخلاقنا و تدمير الصرح التعليمي لأجيال المستقبل..
هل من تصدي جاد لمثل هذه الظاهرة الخطيرة..
حتى لا نفقد الأمل في ولادة جيل جديد يحمل شعلة العلم و يستعيد مكارم الأخلاق..
جيل يشمر السواعد في إعادة إعمار مدينتنا الحبيبة عدن..
لتعود الينا مرة أخرى..
تحضننا بسحرها و جمالها و ثقافة و مكارم أخلاق.