مقالات وكتابات رأي

لا تنطفىء

لا تنطفىء

أخبار دوعن / كتب / محمد محفوظ باطاهر

هل تسائلت يوماً وأنت تشتري ثوب العيد مثلاً في أن ذوقك لا يشبه ذوق صاحبك، وأن اللون المفضل لديه ليس هو اللون المفضل لديك، وفي هذا يقول ابن خلدون: لولا اختلاف الأذواق لفسدت السلع!

واختلاف الأذواق ما هو إلا دليل على الاختلاف بين الناس بما معناه أن الناس ينظرون للشيء الواحد بنظراتٍ مختلفة، كلٌ له نظرةٌ خاصة يتفرد بها، أي أن كل إنسان يتميز عن الآخر بشيء ما، فقد تنظرُ إلى شخصٍ أنه متميز ومتفاني في أداء وظيفته وغيرك يراه أنه متميز في طريقة لبس ثيابه لا أقل ولا أكثر، المُهِم أنْ تعلم أنَّك متميز وإن لم يخبرك الجميع بذلك، فهكذا هم البشر!
بالحديث عن التميز والشيء بالشيء يُذكر، المحدّث الألباني بالإضافة لأنه مصحح أحاديث رسول الله كان يُنظر إليه أنه من أشهر مهندسي الساعات في الشام حينها وقد أشتهر بذلك بالرغم أنه ليس دكتوراً جامعياً أو أكاديمياً نابغاً، ولست لأقلل من شأن الجامعة أو لأقول إن المدرسة لا تنتج متميزين -معاذ الله -فهي أماكن مهمة لدي، ولكن لأقول أنها ليست فقط هي من تجعل الشخص متميّزاً.

أنت متميِّز ، لذا لا تحتقر نفسك ولا تنظر بالدونية لها، فما تتميز به ربما هو حُلم كثير من الناس أنت وُفِّقْت له وغيرك فاتهم، ولا تقل ليس لدي شيءٌ أقدمه للعالم، فمن عجيب ما قرأت منذ أيام أن هناك مجموعة من الأشخاص قاموا بتأسيس فريق اسموه-فريق الفاشلين- وقد عمل رئيس الفريق جاهداً على إصدار كتاب يتحدث عنهم ليضم الفاشلين أمثالهم للفريق، وبهمةٍ ونشاط أستطاع أن يصدر الكتاب، الغريب أن أعضاء الفريق أضطروا لطرد رئيسهم من الفريق لأنه حقق أرباحاً كثيرة من هذا الكتاب فأصبح في نظرهم لم يعد فاشلاً!!

الحياة لا تتوقف عندما نقف فهي تمشي غير آبهة بِنا، ولكن أراه من العيب أن تتحرك ونحن لا، فالكون كله مُسخّر لنا، فلماذا لا نضيف للإنسانية – بما نتميز به- شيئاً يجعلنا سعداء بما قدّمناه ما دمنا نتنفس ونبضاتنا تُحس؟!

يا عزيزي وأنت تمشي في درب تميزك وإبداعاتك لا تنسى أنك ستقابل فئة ليست بالقليلة في مجتمعنا، هؤلاء هم أعداء النجاح كما يسمِّيهم أستاذي وأنا أُسمِّيهم طافئي الشموع!
ولست أقصد شموع الحفلات المعتادة تلك، بل أولئك طافئي شموع التميز والإبداع ، شغلهم الشاغل أن يجعلوا جميع الشموع مطفوءة ليعيش العالم في ظلام، وما الظلام إلا غياب النور “
أشعل بشمعتك الكثير من الشموع التي انطفئت أو كادت تنطفئ وتذكر دائماً مقولة لجلال الدين الرومي :
(لا تنطفئ فلربما كنت سراجاً لأحدهم وأنت لا تعلم)

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى