مقالات وكتابات رأي

عام جديد ..وتستمر المعاناة !* 

عام جديد ..وتستمر المعاناة !

 

أخبار دوعن / كتب / صالح باسليم

 

عجت وسائل الإعلام المختلفة بأخبار ومقالات التحضير للعام الدراسي الجديد إلى حد اني شعرت بانفصام عن واقعنا وتخيلت اني اعيش في إحدى الدول المتقدمة في سجل التعليم ..

في هذه الاخبار وجدت كل شئ يتعلق بالتحضير المادي وأحيانا الفني للعملية التربوية والتعليمية من ترميم للمدارس والجهود لتوفير الكتاب المدرسي والدورات واللقاءات وووو…

بعد الانتهاء من قراءة هذه الاخبار حاولت اعيد قراءتها مرة أخرى لعلي أجد بين السطور سطرا لم تقع عليه عيني التي اضعفتها المعاناة أو نسيه عقلي الذي كأنه أصيب بزهايمر الشباب لكثرة الشرود والسرحان ! بحثت عن سطر ولو واحد يتحدث عن اهم شئ بدونه كل هذه التحضيرات حبرا على ورق. عن شى يسمونه في ادبياتهم حجر الأساس ومحور التعليم والشمعة المحترقة وغيرها من الألقاب. شئ وسامحوني ان استخدم هذه اللفظة التي تدل في معناها على جسم مادي نكرة وليس بشري في عقليات أصحاب القرار والمسؤولية في هذا البلد المتخم بالفساد والارتزاق والذين نسوا أن لهم من اسمهم نصيب فهم مسؤولون أمام الله عن كل شئ وكلكم راع ومسؤول عن رعيته.

 

بحثت عن التحضير النفسي والمعنوي لركيزة التعليم والتربية ولكن للأسف _ وكالعادة لم أجد !. بحثت عن خبر يحفز معنوية معلم الرئيس ومربي الوزير ومؤدب المسؤول ولكن وجدت صلفا وتجاهلا .. وجدت المزيد من الضغط والتدمير والتهميش في صورة تجسد المعاناة والجريمة البشعة في حق مربي الأجيال.

 

فبالله عليكم كيف سيتعامل هذا المعلم مع كل هذه التحضيرات المادية ونفسيته ومعنويته وصلت إلى حد لا يحتمل استيعابه ؟ كيف سيحضر إلى المدرسة وصاحب البقالة الواقعة في طريقه إلى المدرسة يطالبه بسداد دينه ؟! كيف سيؤدي الدرس وقد ترك أسرة وأبناء خلفة يطالبونه بمختلف حاجياتهم الضرورية وليست الترفيهية وهو غير قادر على ذلك ؟! فيذهب إلى المدرسة وصورة ابنه المريض المحتاج إلى الدواء.. وابتسامة ابنته الصغيرة وهي تطلب منه احضار لعبة تلهوا بها ..وصور توفير الغذاء والكساء والدواء و الايجار وحتى كلفة المواصلات للوصول إلى المدرسة وغيرها تزاحم عقله وتتصارع فيه ، فيصل إلى المدرسة خائر القوى متعب النفس مشتت التفكير.

فيا أصحاب الملابس الانيقة التي تطلون بها علينا في وسائل الإعلام، ويا أيها القابعون في الفنادق ألا تخافون من الله .ألا تدركون أنكم تحطمون أجيالا وتصنعون مفخخات ستصطلي بنيرانها المجتمعات. فضياع الحياة الكريمة للمعلم ضياع للتعليم ، وضياع التعليم ضياع للأجيال والقيم والمجتمعات والبلدان.

زر الذهاب إلى الأعلى